فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَّيۡسَ لَهُمۡ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٖ} (6)

ولما ذكر سبحانه شرابهم عقبه بذكر طعامهم فقال : { ليس لهم طعام إلا من ضريع } هو نوع من الشوك لا ترعاه دابة لخبثه يقال له الشبرق في لسان قريش إذا كان رطبا فإذا يبس فهو الضريع ، كذا قال مجاهد ، وقتادة وغيرهما من المفسرين ، قيل وهو سم قاتل ، وإذا يبس لا تقربه دابة ولا ترعاه ، وقيل هو شيء يرمى به البحر يسمى الضريع من أقوات الأنعام لا من أقوات الناس ، فإذا رعت منه الإبل لا تشبع وتهلك هزالا . قال الخليل الضريع نبات أخضر منتن الريح يرمى به البحر ، وجمهور أهل اللغة والتفسير قالوا بالأول .

وقال سعيد بن جبير : الضريع الحجارة وقيل هو شجرة في نار جهنم ، وقال الحسن : هو بعض ما أخفاه الله من العذاب . وقال ابن كيسان : هو طعام يضرعون عنده ويذلون ويتضرعون إلى الله بالخلاص منه ، فسمي بذلك لأن آكله يتضرع على الله في أن يعفى عنه لكراهته وخشونته ، قال النحاس : قد يكون مشتقا من الضارع وهو الذليل أي من شربه تلحقه ضراعة وذلة ، وقال الحسن أيضا هو الزقوم وقيل هو واد في جهنم .

وقد تقدم في سورة الحاقة { فليس له اليوم ههنا حميم ، ولا طعام إلا من غسلين } والغسلين غير الضريع كما تقدم ، وجمع بين الآيتين بأن النار دركات ، والعذاب ألوان والمعذبون طبقات ، فمنهم من طعامه الضريع ، ومنهم من طعامه الغسلين ، ومنهم من طعامه الزقوم ، فلا تناقض بين هذه الآيات .

قال ابن عباس الضريع الشبرق ، وقال أيضا شجر من نار ، وعنه قال الشبرق اليابس .