فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَوۡمَ يُحۡمَىٰ عَلَيۡهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكۡوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمۡ وَجُنُوبُهُمۡ وَظُهُورُهُمۡۖ هَٰذَا مَا كَنَزۡتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمۡ تَكۡنِزُونَ} (35)

ومعنى { يَوْمَ يحمى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ } أن النار توقد عليها وهي ذات حمى وحرّ شديد . ولو قال يوم تحمى : أي الكنوز لم يعط هذا المعنى . فجعل الإحماء للنار مبالغة . ثم حذف النار وأسند الفعل إلى الجارّ ، كما تقول رفعت القصة إلى الأمير ، فإن لم تذكر القصة قلت رفع إلى الأمير ، وقرأ ابن عامر «تحمى » بالمثناة الفوقية ، وقرأ أبو حيوة «فيكوى » بالتحتية . وخص الجباه ، والجنوب والظهور ؛ لكون التألم بكيها أشدّ لما في داخلها من الأعضاء الشريفة . وقيل : ليكون الكيّ في الجهات الأربع : من قدّام ، وخلف ، وعن يمين ، وعن يسار . وقيل : لأن الجمال : في الوجه ، والقوّة : في الظهر والجنبين ، والإنسان إنما يطلب المال للجمال والقوّة . وقيل غير ذلك مما لا يخلو عن تكلف . قوله : { هذا مَا كَنَزْتُمْ لأنفُسِكُمْ } أي : يقال لهم هذا ما كنزتم لأنفسكم : أي كنزتموه لتنفتعوا به ، فهذا نفعه على طريقة التهكم والتوبيخ { فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ } ما : مصدرية أو موصولة : أي ذوقوا وباله ، وسوء عاقبته ، وقبح مغبته ، وشؤم فائدته .

/خ35