السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{يَوۡمَ يُحۡمَىٰ عَلَيۡهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكۡوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمۡ وَجُنُوبُهُمۡ وَظُهُورُهُمۡۖ هَٰذَا مَا كَنَزۡتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمۡ تَكۡنِزُونَ} (35)

{ يوم يحمى عليها } أي : الكنوز بأن تدخل { في نار جهنم } فيوقد عليها { فتكوى } أي : تحرق { بها } أي : بهذه الأموال { جباههم وجنوبهم وظهورهم } قال ابن مسعود رضي الله عنه لا يوضع دينار على دينار ولا درهم على درهم ولكن يوسع جلده حتى يوضع كل دينار ودرهم في موضع على حدته ، وسئل أبو بكر الورّاق لم خصت الجباه والجنوب والظهور بالكي قال : لأنّ الغنيّ صاحب الكنز إذا رأى الفقير قبض جبهته وإذا جلس الفقير بجنبه تباعد عنه وولى عليه ظهره ، وقيل : المعنى أنهم يكوون على الجهات الأربع أما من مقدمه فعلى الجبهة وأمّا من خلفه فعلى الظهر وأمّا من يمينه ويساره فعلى الجنبين ، وقيل : لأنّ جمعهم وإمساكهم المال كان لطلب الوجاهة بالغنى والتنعم بالمطاعم الشهية والملابس البهية وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدّي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحة له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فتكوى بها جبهته وجنبه وظهره كلما بردت عليه أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إمّا إلى الجنة وإمّا إلى النار ) وقوله تعالى : { هذا ما كنزتم } على إرادة القول أي : يقال لهم هذا ما كنزتم { لأنفسكم } أي : لمنفعتها وكان عين مضرتها وسبب تعذيبها { فذوقوا ما كنتم تكنزون } أي : تمنعون حقوق الله تعالى في أموالكم ، وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : انتهيت إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل الكعبة فلما رآني قال : ( هم الأخسرون ورب الكعبة ) فقلت يا رسول الله فداك أبي وأمّي من هم قال : ( هم ؟ الأكثرون أموالاً إلا من قال هكذا وهكذا من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله وقليل ما هم ) .