الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتۡلُواْ ٱلشَّيَٰطِينُ عَلَىٰ مُلۡكِ سُلَيۡمَٰنَۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيۡمَٰنُ وَلَٰكِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحۡرَ وَمَآ أُنزِلَ عَلَى ٱلۡمَلَكَيۡنِ بِبَابِلَ هَٰرُوتَ وَمَٰرُوتَۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنۡ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَآ إِنَّمَا نَحۡنُ فِتۡنَةٞ فَلَا تَكۡفُرۡۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنۡهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِۦ بَيۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَزَوۡجِهِۦۚ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِۦ مِنۡ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡۚ وَلَقَدۡ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشۡتَرَىٰهُ مَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنۡ خَلَٰقٖۚ وَلَبِئۡسَ مَا شَرَوۡاْ بِهِۦٓ أَنفُسَهُمۡۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ} (102)

أخرج سفيان بن عينية وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : إن الشياطين كانوا يسترقون السمع من السماء ، فإذا سمع أحدهم بكلمة حق كذب عليها ألف كذبة فاشربتها قلوب الناس واتخذوها دواوين ، فاطلع الله على ذلك سليمان بن داود فأخذها فقذفها تحت الكرسي ، فلما مات سليمان قام شيطان بالطريق فقال : ألا أدلكم على كنز سليمان الذي لا كنز لأحد مثل كنزه الممنع ؟ قالوا : نعم . فأخرجوه فإذا هو سحر فتناسختها الأمم ، وأنزل الله عذر سليمان فيما قالوا من السحر فقال { واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان . . . } الآية .

وأخرج النسائي وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان آصف كاتب سليمان وكان يعلم الاسم الأعظم ، وكان يكتب كل شيء بأمر سليمان ويدفنه تحت كرسيه ، فلما مات سليمان أخرجته الشياطين فكتبوا بين كل سطرين سحرا وكفرا ، وقالوا : هذا الذي كان سليمان يعمل به ، فاكفره جهال الناس وسبوه ، ووقف علماؤهم فلم يزل جهالهم يسبونه حتى أنزل الله على محمد { واتبعوا ما تتلو الشياطين } .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما ذهب ملك سليمان ارتد فئام من الجن والإنس واتبعوا الشهوات ، فلما رجع إلى سليمان ملكه وقام الناس على الدين ، ظهر على كتبهم فدفنها تحت كرسيه ، وتوفي حدثان ذلك ، فظهر الجن والإنس على الكتب بعد وفاة سليمان ، وقالوا : هذا كتاب من الله نزل على سليمان أخفاه عنا ، فأخذوه فجعلوه دينا ، فأنزل الله { واتبعوا ما تتلو الشياطين } أي الشهوات التي كانت الشياطين تتلو ، وهي المعازف واللعب وكل شيء يصد عن ذكر الله .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : كان سليمان إذا أراد أن يدخل الخلاء أو يأتي شيئا من شأنه ، أعطى الجرادة وهي امرأته خاتمه ، فلما أراد الله أن يبتلي سليمان بالذي ابتلاه به أعطى الجرادة ذلك اليوم خاتمه ، فجاء الشيطان في صورة سليمان فقال لها : هاتي خاتمي . فأخذه فلبسه ، فلما لبسه دانت له الشياطين والجن والإنس ، فجاءها سليمان فقال : هاتي خاتمي . فقالت : كذبت لست سليمان . فعرف أنه بلاء ابتلي به ، فانطلقت الشياطين فكتبت في تلك الأيام كتبا فيها سحر وكفر ، ثم دفنوها تحت كرسي سليمان ، ثم أخرجوها فقرؤوها على الناس وقالوا : إنما كان سليمان يغلب الناس بهذه الكتب ، فبرئ الناس من سليمان وأكفروه حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم ، وأنزل عليه { وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا } .

وأخرج ابن جرير عن شهر بن حوشب قال : قال اليهود : انظروا إلى محمد يخلط الحق بالباطل ، يذكر سليمان مع الأنبياء إنما كان ساحرا يركب الريح ، فأنزل الله { واتبعوا ما تتلو الشياطين . . . } الآية .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : إن اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم زمانا عن أمور من التوراة لا يسألونه عن شيء من ذلك إلا أنزل الله عليه ما سألوا عنه فيخصمهم ، فلما رأوا ذلك قالوا هذا أعلم بما أنزل علينا منا ، وأنهم سألوه عن السحر وخاصموه به ، فأنزل الله { واتبعوا ما تتلو الشياطين . . . } الآية . وأن الشياطين عمدوا إلى كتاب فكتبوا فيه السحر والكهانة وما شاء الله من ذلك ، فدفنوه تحت مجلس سليمان ، وكان سليمان لا يعلم الغيب ، فلما فارق سليمان الدنيا استخرجوا ذلك السحر وخدعوا به الناس ، وقالوا : هذا علم كان سليمان يكتمه ويحسد الناس عليه ، فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث ، فرجعوا من عنده وقد حزنوا وأدحض الله حجتهم .

وأخرج سعيد بن منصور عن خصيف قال : كان لسليمان إذا نبتت الشجرة قال : لأي داء أنت ؟ فتقول : لكذا وكذا . فلما نبتت الشجرة الخرنوبة قال : لأي شيء أنت ؟ قالت : لمسجدك أخربه . فلم يلبث أن توفي ، فكتب الشياطين كتابا فجعلوه في مصلى سليمان ، فقالوا : نحن ندلكم على ما كان سليمان يداوي به ، فانطلقوا فاستخرجوا ذلك الكتاب ، فغذا فيه سحر ورقى ، فأنزل الله { واتبعوا ما تتلو الشياطين } إلى قوله { وما أنزل على الملكين } وذكر أنها في قراءة أبي ( وما يتلى على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ) سبع مرار ، فإن أبى إلا أن يكفر علماه فيخرج منه نور حتى يسطع في السماء قال : المعرفة التي كان يعرف .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي مجلز قال : أخذ سليمان من كل دابة عهدا ، فإذا أصيب رجل فيسأل بذلك العهد خلي عنه ، فرأى الناس بذلك السجع والسحر وقالوا : هذا كان يعمل به سليمان . فقال الله { وما كفر سليمان } الآية .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله { ما تتلو } قال : ما تتبع .

وأخرج ابن جرير عن عطاء في قوله { ما تتلو الشياطين } قال : يراد ما تحدث .

وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله { على ملك سليمان } يقول : في ملك سليمان .

وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله { وما كفر سليمان } يقول : ما كان عن مشورته ولا عن رضا منه ولكنه شيء افتعلته الشياطين دونه

{ يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين } فالسحر سحران ، سحر تعلمه الشياطين ، وسحر يعلمه هاروت وماروت .

وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله { وما أنزل على الملكين } قال : هذا سحر خاصموه به ، فإن كلام الملائكة فيما بينهم إذا علمته الإنس فصنع وعمل به كان سحرا .

وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : أما السحر فإنما يعلمه الشياطين ، وأما الذي يعلمه الملكان فالتفريق بين المرء وزوجه .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :{ وما أنزل على الملكين } قال : التفرقة بين المرء وزوجه .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :{ وما أنزل على الملكين } قال : لم ينزل الله السحر .

وأخرج ابن أبي حاتم عن علي في الآية قال : هما ملكان من ملائكة السماء .

وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عنه مرفوعا .

وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن أبزى . إنه كان يقرؤها ( وما أنزل على الملكين داود وسليمان ) .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك . أنه قرأ { وما أنزل على الملكين } وقال : هما علجان من أهل بابل .

وأخرج البخاري في تاريخه وابن المنذر عن ابن عباس { وما أنزل على الملكين } يعني جبريل وميكائيل { ببابل هاروت وماروت } يعلمان الناس السحر .

وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية { وما أنزل على الملكين } قال : ما أنزل على جبريل وميكائيل السحر .

وأما قوله تعالى : { ببابل }

أخرج أبو داود وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن علي قال : " إن حبيبي صلى الله عليه وسلم نهاني أن أصلي بأرض بابل ، فإنها ملعونة " .

وأخرج الدينوري في المجالسة وابن عساكر من طريق نعيم بن سالم - وهو متهم - عن أنس بن مالك قال : لما حشر الله الخلائق إلى بابل بعث إليهم ريحا شرقية وغربية وقبلية وبحرية فجمعتهم إلى بابل ، فاجتمعوا يومئذ ينظرون لما حشروا له ، إذ نادى مناد : من جعل المغرب عن يمينه والمشرق عن يساره ، واقتصد إلى البيت الحرام بوجهه فله كلام أهل السماء . فقام يعرب بن قحطان فقيل له : يا يعرب بن قحطان بن هود أنت هو ، فكان أول من تكلم بالعربية ، فلم يزل المنادي ينادي : من فعل كذا وكذا فله كذا وكذا حتى افترقوا على اثنين وسبعين لسانا ، وانقطع الصوت وتبلبلت الألسن فسميت بابل ، وكان اللسان يومئذ بابليا ، وهبطت ملائكة الخير والشر ، وملائكة الحياء والإيمان ، وملائكة الصحة والشفاء ، وملائكة الغنى ، وملائكة الشرف ، وملائكة المروءة ، وملائكة الجفاء ، وملائكة الجهل ، وملائكة السيف ، وملائكة البأس ، حتى انتهوا إلى العراق فقال بعضهم لبعض : افترقوا . فقال ملك الإيمان : أنا أسكن المدينة ومكة . فقال ملك الحياء : أنا أسكن معك . وقال ملك الشفاء : أسكن البادية . فقال ملك الصحة : وأنا معك . وقال ملك الجفاء : وأنا أسكن المغرب . فقال ملك الجهل . وأنا معك . وقال ملك السيف : أنا أسكن الشام . فقال ملك البأس : وأنا معك . وقال ملك الغنى : أنا أقيم ههنا . فقال ملك المروءة : أنا معك . فقال ملك الشرف : وأنا معكما . فاجتمع ملك الغنى والمروءة والشرف بالعراق .

وأخرج ابن عساكر بسند فيه مجاهيل عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله عز وجل خلق أربعة أشياء وأردفها أربعة اشياء ، خلق الجدب وأردفه الزهد وأسكنه الحجاز ، وخلق العفة وأردفها الغفلة وأسكنها اليمن ، وخلق الرزق وأردفه الطاعون وأسكنه الشام ، وخلق الفجور وأردفه الدرهم وأسكنه العراق " .

وأخرج ابن عساكر عن سليمان بن يسار قال : كتب عمر بن الخطاب إلى كعب الأحبار أن اختر لي المنازل . فكتب إليه يا أمير المؤمنين أنه بلغنا أن الأشياء اجتمعت فقال السخاء : أريد اليمن . فقال حسن الخلق : أنا معك . وقال الجفاء : أريد الحجاز . فقال الفقر : أنا معك . قال البأس : أريد الشام . فقال السيف : أنا معك . وقال العلم : أريد العراق . فقال العقل : أنا معك . وقال الغنى : أريد مصر . فقال الذل : أنا معك . فاختر لنفسك يا أمير المؤمنين ، فلما ورد الكتاب على عمر قال : العراق إذن ، فالعراق إذن .

وأخرج ابن عساكر عن حكيم بن جابر قال : أخبرت أن الإسلام قال : أنا لاحق بأرض الشام . قال الموت : وأنا معك . قال الملك : وأنا لاحق بأرض العراق . قال القتل : وأنا معك . قال الجوع : وأنا لاحق بأرض العرب . قالت الصحة : وأنا معك .

وأخرج ابن عساكر عن دغفل قال : قال المال : أنا أسكن العراق . فقال الغدر : أنا أسكن معك . وقالت الطاعة : أنا أسكن الشام . فقال الجفاء : أنا أسكن معك . وقالت المروءة : أنا أسكن الحجاز . فقال الفقر : وأنا أسكن معك .

وأما قوله تعالى : { هاروت وماروت } قد تقدم حديث ابن عمر في قصة آدم وبقيت آثار أخر .

أخرج سعيد وابن جرير والخطيب في تاريخه عن نافع قال : سافرت مع ابن عمر ، فلما كان من آخر الليل قال : يا نافع انظر هل طلعت الحمراء ؟ قلت : لا مرتين أو ثلاثا ، ثم قلت : قد طلعت . قال : لا مرحبا بها ولا أهلا . قلت : سبحان الله . . . ! نجم مسخر سامع مطيع ؟ قال : ما قلت لك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن الملائكة قالت : يا رب كيف صبرك على بني آدم في الخطايا والذنوب ؟ قال : إني ابتليتهم وعافيتكم . قالوا : لو كنا مكانهم ما عصيناك . قال : فاختاروا ملكين منكم ، فلم يألوا جهدا أن يختاروا ، فاختاروا هاروت وماروت فنزلا ، فالقى الله عليهم الشبق . قلت : وما الشبق ؟ قال : الشهوة . فجاءت امرأة يقال لها الزهرة ، فوقعت في قلوبهما ، فجعل كل واحد منهما يخفي عن صاحبه ما في نفسه ، ثم قال أحدهما للآخر : هل وقع في نفسك ما وقع في قلبي ؟ قال : نعم ، فطلباها لأنفسهما فقالت : لا أمكنكما حتى تعلماني الاسم الذي تعرجان به إلى السماء وتهبطان به فأبيا ، ثم سألاها أيضا فأبت ففعلا ، فلما استطيرت طمسها الله كوكبا وقطع أجنحتهما ، ثم سألا التوبة من ربهما فخيرهما فقال : إن شئتما رددتكما إلى ما كنتما عليه فإذا كان يوم القيامة عذبتكما ، وإن شئتما عذبتكما في الدنيا فإذا كان يوم القيامة رددتكما إلى ما كنتما عليه . فقال أحدهما لصاحبه : إن عذاب الدنيا ينقطع ويزول ، فاختارا عذاب الدنيا على عذاب الآخرة . فأوحى الله إليهما : أن ائتيا بابل . فانطلقا إلى بابل ، فخسف بهما فهما منكوسان بين السماء والأرض معذبان إلى يوم القيامة " .

وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد قال : كنت مع ابن عمر في سفر فقال لي : ارمق الكوكب ، فإذا طلعت أيقظني ، فلما طلعت أيقظته فاستوى جالسا ، فجعل ينظر إليها ويسبها سبا شديدا ، فقلت : يرحمك الله أبا عبد الرحمن ، نجم ساطع مطيع ماله تسبه ؟ ! فقال : أما إن هذه كانت بغيا في بني إسرائيل ، فلقي الملكان منها ما لقيا .

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق موسى بن جبير عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أشرفت الملائكة على الدنيا فرأت بني آدم يعصون فقالت : يا رب ما أجهل هؤلاء ! ما أقل معرفة هؤلاء بعظمتك ! فقال الله : لو كنت في مسالخهم لعصيتموني . قالوا : كيف يكون هذا ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ؟ قال : فاختاروا منكم ملكين ، فاختاروا هاروت وماروت ، ثم أهبطا إلى الأرض وركبت فيهما شهوات مثل بني آدم ، ومثلت لهما امرأة فما عصما حتى واقعا المعصية ، فقال الله : اختارا عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة ، فنظر أحدهما إلى صاحبه قال : ما تقول فاختر ؟ قال : أقول أن عذاب الدنيا ينقطع وأن عذاب الآخرة لا ينقطع ، فاختارا عذاب الدنيا فهما اللذان ذكر الله في كتابه { وما أنزل على الملكين . . . } الآية " .

وأخرج اسحق بن راهويه وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في العقوبات وابن جرير وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه عن علي بن أبي طالب قال : إن هذه الزهرة تسميها العرب الزهرة والعجم أناهيذ ، وكان الملكان يحكمان بين الناس ، فأتتهما فأرادها كل واحد عن غير علم صاحبه فقال أحدهما : يا أخي إن في نفسي بعض الأمر أريد أن أذكره لك . قال : اذكره لعل الذي في نفسي مثل الذي في نفسك ، فاتفقا على أمر في ذلك . فقالت المرأة : ألا تخبراني بما تصعدان به إلى السماء وبما تهبطان به إلى الأرض ؟ فقالا : باسم الله الأعظم . قالت : ما أنا بمؤاتيتكما حتى تعلمانيه . فقال أحدهما لصاحبه : علمها إياه . فقال : كيف لنا بشدة عذاب الله ؟ قال الآخر : إنا نرجو سعة رحمة الله ، فعلمها إياه فتكلمت به فطارت إلى السماء ، ففزع ملك في السماء لصعودها فطأطأ رأسه فلم يجلس بعد ، ومسخها الله كوكبا .

وأخرج ابن راهويه وابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لعن الله الزهرة فإنها هي التي فتنت الملكين هاروت وماروت " .

وأخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه عن أبي العباس قال : كانت الزهرة امرأة في قومها ، يقال لها في قومها بيذخت .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن ابن عباس قال : إن المرأة التي فتن بها الملكان مسخت ، فهي هذه الكوكبة الحمراء يعني الزهرة .

وأخرج موحد بن عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في كتاب العقوبات وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان من طريق الثوري عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر عن كعب قال : ذكرت الملائكة أعمال بني آدم وما يأتون من الذنوب ، فقيل : لو كنتم مكانهم لأتيتم مثل الذي يأتون فاختاروا منكم اثنين ، فاختاروا هاروت وماروت فقيل لهما : أني أرسل إلى بني آدم رسلا فليس بيني وبينكما رسول ، أنزلكما لا تشركا بي شيئا ، ولا تزنيا ، ولا تشربا الخمر ، قال كعب : فوالله ما أمسيا من يومهما الذي أهبطا فيه حتى استكملا جميع ما نهيا عنه .

وأخرج الحاكم وصححه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عمر . أنه كان يقول : أطلعت الحمراء بعد فإذا رآها قال : لا مرحبا . ثم قال : إن ملكين من الملائكة هاروت وماروت سألا الله أن يهبطا إلى الأرض ، فأهبطا إلى الأرض فكانا يقضيان بين الناس ، فإذا أمسيا تكلما بكلمات فعرجا بها إلى السماء ، فقيض الله لهما امرأة من أحسن الناس وألقيت عليهما الشهوة ، فجعلا يؤخرانها وألقيت في أنفسهما ، فلم يزالا يفعلان حتى وعدتهما ميعادا فأتتهما للميعاد فقالت : كلماني الكلمة التي تعرجان بها فعلماها الكلمة ، فتكلمت بها فعرجت إلى السماء فمسخت فجعلت كما ترون ، فلما أمسيا تكلما بالكلمة فلم يعرجا ، فبعث إليهما إن شئتما فعذاب الآخرة وإن شئتما فعذاب الدنيا إلى أن تقوم الساعة . فقال أحدهما لصاحبه : بل نختار عذاب الدنيا ألف ألف ضعف ، فهما يعذبان إلى يوم القيامة .

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كنت نازلا على عبد الله بن عمر في سفر ، فلما كان ذات ليلة قال لغلامه : انظر طلعت الحمراء لا مرحبا بها ولا أهلا ولا حياها الله هي صاحبة الملكين ، قالت الملائكة : كيف تدع عصاة بني آدم وهم يسفكون الدم الحرام ، وينتهكون محارمك ، ويفسدون في الأرض ؟ قال : إني قد ابتليتهم فلعل أن أبتليكم بمثل الذي ابتليتهم به فعلتم كالذي يفعلون . قالوا : لا . قال : فاختاروا من خياركم اثنين . فاختاروا هاروت وماروت ، فقال لهما : إني مهبطكما إلى الأرض ، ومعاهد إليكما أن لا تشركا ، ولا تزنيا ، ولا تخونا . فأهبطا إلى الأرض وألقى عليهما الشبق ، وأهبطت لهما الزهرة في أحسن صورة امرأة ، فتعرضت لهما فأراداها عن نفسها ، فقالت : إني على دين لا يصلح لأحد أن يأتيني إلا من كان على مثله . قالا : وما دينك ؟ قالت : المجوسية . قالا : أنشرك ؟ هذا شيء لا نقر به . فمكثت عنهما ما شاء الله ، ثم تعرضت لهما فأراداها عن نفسها ، فقالت : ما شئتما غير أن لي زوجا وأنا أكره أن يطلع على هذا مني فافتضح ، وإن أقررتما لي بديني وشرطتما أن تصعدا بي إلى السماء فعلت . فأقرا لها بدينها وأتياها فيما يريان ثم صعدا بها إلى السماء ، فلما انتهيا إلى السماء اختطفت منهما وقطعت أجنحتهما فوقعا خائفين نادمين يبكيان .

وفي الأرض نبي يدعو بين الجمعتين ، فإذا كان يوم الجمعة أجيب فقالا : لو أتينا فلانا فسألناه يطلب لنا التوبة . فأتياه فقال : رحمكما الله كيف تطلب أهل الأرض لأهل السماء ؟ قالا : إنا ابتلينا . قال : ائتياني يوم الجمعة ، فأتياه فقال : ما أجبت فيكما بشيء ائتياني في الجمعة الثانية ، فأتياه فقال : اختارا فقد خيرتما إن أحببتما معافاة الدنيا وعذاب الآخرة ، وإن أحببتما فعذاب الدنيا وأنتما يوم القيامة على حكم الله . فقال أحدهما : الدنيا لم يمض منها إلا القليل ، وقال الآخر : ويحك . . . ! إني قد أطعتك في الأول فأطعني الآن ، وأن عذابا يفنى ليس كعذاب يبقى . قال : إننا يوم القيامة على حكم الله فأخاف أن يعذبنا . قال : لا إني أرجو أن علم الله أنا قد اخترنا عذاب الدنيا مخافة عذاب الآخرة لا يجمعهما الله علينا .

قال فاختارا عذاب الدنيا ، فجعلا في بكرات من حديد في قليب مملوءة من نار ، أعاليهما أسافلهما قال ابن كثير : إسناده يد ، وهو أثبت وأصح إسنادا من رواية معاوية بن صالح عن نافع .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : لما وقع الناس من بني آدم فيما وقعوا فيه من المعاصي والكفر بالله ، قالت الملائكة في السماء : رب هذا العالم الذي إنما خلقتهم لعبادتك وطاعتك ، وقد وقعوا فيما وقعوا فيه ، وركبوا الكفر ، وقتل النفس ، وأكل مال الحرام ، والزنا ، والسرقة ، وشرب الخمر ، فجعلوا يدعون عليهم ولا يعذرونهم . فقيل : إنهم في غيب فلم يعذروهم . فقيل لهم : اختاروا منكم من أفضلكم ملكي آمرهما وأنهاهما ، فاختاروا هاروت وماروت فأهبطا إلى الأرض ، وجعل لهما شهوات بني آدم ، وأمرهما أن يعبداه ولا يشركا به شيئا ، ونهاهما عن قتل النفس الحرام ، وأكل مال الحرام ، وعن الزنا ، وشرب الخمر ، فلبثا في الأرض زمانا يحكمان بين الناس بالحق ، وذلك في زمان إدريس ، وفي ذلك الزمان امرأة حسنها في النساء كحسن الزهرة في سائر الكواكب . وأنهما أتيا عليها فخضعا لها في القول ، وأراداها عن نفسها فأبت إلا أن يكونا على أمرها ودينها ، فسألاها عن دينها فأخرجت لهما صنما ، فقالت : هذا أعبده . فقالا : لا حاجة لنا في عبادة هذا .

فذهبا فغبرا ما شاء الله ، ثم أتيا عليها فأراداها عن نفسها ، ففعلت مثل ذلك ، فذهبا ثم أتيا فأراداها عن نفسها ، فلما رأت أنهما أبيا أن يعبدا الصنم قال لهما : اختارا أحد الخلال الثلاث . إما أن تعبدا هذا الصنم ، أو أن تقتلا هذا النفس ، وإما أن تشربا هذا الخمر ، فقالا : كل هذا لا ينبغي وأهون الثلاثة شرب الخمر . فأخذت منهما فواقعا المرأة ، فخشيا أن يخبر الإنسان عنهما فقتلاه ، فلما ذهب عنهما السكر وعلما ما وقعا فيه من الخطيئة أراد أن يصعدا إلى السماء فلم يستطيعا ، وحيل بينهما وبين ذلك وكشف الغطاء فيما بينهما وبين أهل السماء ، فنظرت الملائكة إلى ما وقعا فيه فعجبوا كل العجب ، وعرفوا أنه من كان في غيب فهو أقل خشية ، فجعلوا بعد ذلك يستغفرون لمن في الأرض ، فنزل في ذلك ( والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ) ( الشورى الآية 5 ) .

فقيل لهما : اختارا عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة ؟ فقالا : أما عذاب الدنيا فإنه ينقطع ويذهب ، وأما عذاب الآخرة فلا انقطاع له ، فاختارا عذاب الدنيا فجعلا ببابل فهما يعذبان .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إن أهل سماء الدنيا أشرفوا على أهل الأرض فرأوهم يعملون بالمعاصي ، فقالوا : يا رب أهل الأرض يعملون بالمعاصي ! فقال الله : أنتم معي وهم غيب عني . فقيل لهم : اختاروا منكم ثلاثة : فاختاروا منهم ثلاثة على أن يهبطوا إلى الأرض يحكمون بين أهل الأرض وجعل فيهم شهوة الآدميين - فأمروا أن لا يشربوا خمرا ، ولا يقتلوا نفسا ، ولا يزنوا ، ولا يسجدوا لوثن . فاستقال منهم واحد فأقيل فأهبط اثنان إلى الأرض ، فأتتهما امرأة من أحسن الناس يقال لها أناهيلة فهوياها جميعا ، ثم أتيا منزلها فاجتمعا عندها فأراداها ، فقالت لهما : لا حتى تشربا خمري ، وتقتلا ابن جاري ، وتسجدوا لوثني . فقالا : لا نسجد . ثم شربا من الخمر ، ثم ، قتلا ، ثم سجدا ، فأشرف أهل السماء عليهما ، وقالت لهما : أخبراني بالكلمة التي إذا قلتماها طرتما ، فأخبراها فطارت فمسخت جمرة وهي هذه الزهرة ، وأما هما فأرسل إليهما سليمان بن داود ، فخيرهما بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ، فاختارا عذاب الدنيا ، فهما مناطان بين السماء والأرض .

وأخرج ابن جرير من طريق أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود وابن عباس قالا : لما كثر بنو آدم وعصوا دعت الملائكة عليهم والأرض والجبال : ربنا لا تمهلهم . فأوحى الله إلى الملائكة : أني أزلت الشهوة والشيطان من قلوبكم ، ولو تركتكم لفعلتم أيضا . قال : فحدثوا أنفسهم أن لو ابتلوا لعصموا ، فأوحى اله إليهم : أن اختاروا ملكين من أفضلكم . فاختاروا هاروت وماروت فأهبطا إلى الأرض ، وأنزلت الزهرة إليهما في صورة امرأة من أهل فارس يسمونها بيدخت . قال : فواقعاها بالخطيئة ، فكانت الملائكة يستغفرون للذين آمنوا ، فلما وقعا بالخطيئة استغفروا لمن في الأرض ، فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ، فاختارا عذاب الدنيا .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من طريق الزهري عن عبيد الله بن عبد الله في هذه الآية . كانا ملكين من الملائكة فأهبطا ليحكما بين الناس ، وذلك أن الملائكة سخروا من حكام بني آدم ، فحاكمت إليهما امرأة فخافا لها ، ثم ذهبا يصعدان فحيل بينهما وبين ذلك ، وخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ، فاختارا عذاب الدنيا .

وأخرج سعيد بن منصور عن خصيف قال : كنت مع مجاهد ، فمر بنا رجل من قريش فقال له مجاهد : حدثنا ما سمعت من أبيك ؟ قال : حدثني أبي : أن الملائكة حين جعلوا ينظرون إلى أعمال بني آدم وما يركبون من المعاصي الخبيثة وليس يستر الناس من الملائكة شيء ، فجعل بعضهم يقول لبعض : انظروا إلى بني آدم كيف يعملون كذا وكذا ما أجرأهم على الله ، يعيبونهم بذلك ! فقال الله لهم : لقد سمعت الذي تقولون في بني آدم ، فاختاروا منكم ملكين أهبطهما إلى الأرض ، وأجعل فيهما شهوة بني آدم ، فاختاروا هاروت وماروت ، فقالوا : يا رب ليس فينا مثلهما . فأهبطا إلى الأرض ، وجعلت فيهما شهوة بني آدم ، ومثلت لهما الزهرة في صورة امرأة ، فلما نظرا إليها لم يتمالكا أن تناولا ما الله أعلم به ، وأخذت الشهوة بأسماعهما وأبصارهما ، فلما أرادا أن يطيرا إلى السماء لم يستطيعا ، فأتاهما ملك فقال : إنكما قد فعلتما ما فعلتما ، فاختارا عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة . فقال أحدهما للآخر : ماذا ترى ؟ ! قال : أرى أن أعذب في الدنيا ثم أعذب أحب إلي من أن أعذب ساعة واحدة في الآخرة ، فهما معلقان منكسان في السلاسل وجعلا فتنة .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : إن الله أفرج السماء إلى ملائكته ينظرون إلى أعمال بني آدم ، فلما أبصروهم يعملون بالخطايا قالوا : يا رب هؤلاء بنو آدم الذي خلقت بيدك ، وأسجدت له ملائكتك ، وعلمته أسماء كل شيء ، يعملون بالخطايا . قال : أما أنكم لو كنتم مكانهم لعملتم مثل أعمالهم . قالوا : سبحانك ما كان ينبغي لنا ، فأمروا أن يختاروا من يهبط إلى الأرض ، فاختاروا هاروت وماروت وأهبطا إلى الأرض ، وأحل لهما ما فيها من شيء غير أنهما لا يشركا بالله شيئا ، ولا يسرقا ، ولا يزنيا ، ولا يشربا الخمر ، ولا يقتلا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، فعرض لهما امرأة قد قسم لها نصف الحسن يقال لها بيذخت ، فلما أبصراها أراداها قالت : لا ، إلا أن تشركا بالله ، وتشربا الخمر وتقتلا النفس ، وتسجدا لهذا الصنم . فقالا : ما كنا نشرك بالله شيئا ! فقال أحدهما للآخر : أرجع إليها . فقالت : لا ، إلا أن تشربا الخمر ، فشربا حتى ثملا ، ودخل عليهما سائل فقتلاه ، فلما وقعا فيما وقعا فيه أفرج الله السماء لملائكته ، فقالوا : سبحانك . . . ! أنت أعلم . فأوحى الله إلى سليمان بن داود أن يخيرهما بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ، فاختارا عذاب الدنيا ، فكبلا من أكعبهما إلى أعناقهما بمثل أعناق البخت ، وجعلا ببابل .

وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " احذروا الدنيا فإنها أسحر من هاروت وماروت " .

وأخرج الخطيب في رواية مالك عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال أخي عيسى : معاشر الحواريين احذروا الدنيا لا تسحركم ، لهي والله أشد سحرا من هاروت وماروت ، واعلموا أن الدنيا مدبرة والآخرة مقبلة ، وإن لكل واحدة منهما بنين فكونوا من أبناء الآخرة دون بني الدنيا ، فإن اليوم عمل ولا حساب ، وغدا الحساب ولا عمل " .

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن عبد الله بن بسر المازني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اتقوا الدنيا ، فو الذي نفسي بيده إنها لأسحر من هاروت وماروت " .

وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : لما وقع الناس من بني آدم فيما وقعوا فيه من المعاصي والكفر بالله قالت الملائكة في السماء : أي رب هذا العالم إنما خلقتهم لعبادتك وطاعتك وقد ركبوا الكفر ، وقتل النفس الحرام ، وأكل المال الحرام ، والسرقة ، والزنا ، وشرب الخمر ، فجعلوا يدعون عليهم ولا يعذرونهم . فقيل لهم : إنهم في غيب فلم يعذروهم ، فقيل لهم : اختاروا منكم ملكين آمرهما بأمري وأنهاهما عن معصيتي . فاختاروا هاروت وماروت ، فأهبطا إلى الأرض وجعل بهما شهوات بني إسرائيل ، وأمرا أن يعبدا الله وأن لا يشركا به شيئا ، ونهيا عن قتل النفس الحرام ، وأكل المال الحرام ، والسرقة ، والزنا ، وشرب الخمر ، فلبثا على ذلك في الأرض زمانا يحكمان بين الناس بالحق وذلك في زمان إدريس .

وفي ذلك الزمان امرأة حسنها في سائر الناس كحسن الزهرة في سائر الكواكب ، وأنها أبت عليهما فخضعا لها بالقول وأراداها على نفسها ، وأنها أبت إلا أن يكونا على أمرها ودينها ، وأنهما سألاها عن دينها الذي هي عليه ، فأخرجت لهما صنما فقالت : هذا أعبده . فقالا : لا حاجة لنا في عبادة هذا ، فذهبا فصبرا ما شاء الله ثم أتيا عليها ، فخضعا لها ما شاء الله بالقول وأراداها على نفسها ، فقالت : لا ، إلا أن تكونا على ما أنا عليه . فقالا : لا حاجة لنا في عبادة هذا .

فلما رأت أنهما قد أبيا أن يعبدا الصنم قالت لهما : اختارا أحدى الخلال الثلاث . إما أن تعبدا الصنم ، أو تقتلا النفس ، أو تشربا الخمر ، فقالا : كل هذا لا ينبغي وأهون الثلاثه شرب الخمر . وسقتهما الخمر حتى إذا أخذت الخمرة فيهما وقعا بها ، فمر إنسان وهما في ذلك ، فخشيا أن يفشي عليهما فقتلاه .

فلما أن ذهب عنهما السكر عرفا ما قد وقعا فيه من الخطيئة ، وأرادا أن يصعدا إلى السماء فلم يستطيعا ، وكشف الغطاء فيما بينهما وبين أهل السماء ، فنظرت الملائكة إلى ما قد وقعا فيه من الذنوب ، وعرفوا أنه من كان في غيب فهو أقل خشية فجعلوا بعد ذلك يستغفرون لمن في الأرض ، فلما وقعا فيما وقعا فيه من الخطيئة قيل لهما : اختارا عذاب الدنيا أو عذاب اللآخرة ، فقالا : أما عذاب الدنيا فينقطع ويذهب ، وأما عذاب الآخرة فلا انقطاع له ، فاختارا عذاب الآخرة فجعلا ببابل فهما يعذبان " .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إن هاروت وماروت أهبطا إلى الأرض ، فإذا أتاهما الآتي يريد السحر نهياه أشد النهي ، وقالا له : إنما نحن فتنة فلا تكفر . وذلك أنهما علما الخير والشر والكفر والإيمان ، فعرفا أن السحر من الكفر ، فإذا أبى عليهما أمراه أن يأتي مكان كذا وكذا ، فإذا أتاه عاين الشيطان فعلمه ، فإن تعلمه خرج منه النور ، فينظر إليه ساطعا في السماء .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن عائشة أنا قالت : قدمت على امرأة من أهل دومة الجندل تبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته حداثة ذلك تسأله عن شيء دخلت فيه من أمر السحر ولم تعمل به . قالت : كان لي زوج غاب عني ، فدخلت على عجوز فشكوت إليها ، فقالت : إن فعلت ما آمرك فأجعله يأتيك ، فلما كان الليل جاءتني بكلبين أسودين ، فركبت أحدهما وركبت الآخر ، فلم يكن كشيء حتى وقفنا ببابل ، فإذا أنا برجلين معلقين بأرجلهما ، فقالا : ما جاء بك ؟ فقلت : أتعلم السحر . فقالا : إنما نحن فتنة فلا تكفري وارجعي . فأبيت وقلت : لا . قالا : فاذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه ثم ائتي ، فذهبت ، فاقشعر جلدي وخفت ، ثم رجعت إليهما فقلت : قد فعلت . فقالا : ما رأيت ؟ فقلت : لم أر شيئا . فقالا : كذبت ، لم تفعلي ارجعي إلى بلادك ولا تكفري فإنك على رأس أمرك ، فأبيت .

فقالا اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه وذهبت فبلت فيه ، فرأيت فارسا مقنعا بحديد خرج مني حتى ذهب في السماء وغاب عني حتى ما أراه ، وجئتهما فقلت : قد فعلت . فقالا : فما رأيت ؟ فقلت : رأيت فارسا مقنعا خرج مني فذهب في السماء حتى ما أراه . قالا : صدقت ، ذلك إيمانك خرج منك اذهبي . فقلت للمرأة : والله ما أعلم شيئا ولا قالا لي شيئا . فقالت : لا ، لم تريدي شيئا إلا كان خذي هذا القمح فابذري ، فبذرت وقلت اطلعي فاطلعت ، وقلت احقلي فاحقلت ، ثم قلت افركي فأفركت ، ثم قلت ايبسي فأيبست ، ثم قلت اطحني فأطحنت ، ثم قلت اخبزي فأخبزت ، فلما رأيت أني لا أريد شيئا إلا كان سقط في يدي ، وندمت والله يا أم المؤمنين ما فعلت شيئا ولا أفعله أبدا ، فسألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يومئذ متوافرون ، فما دروا ما يقولون لها ، وكلهم خاف أن يفتيها بما لا يعلمه ، إلا أنه قد قال لها ابن عباس أو بعض من كان عنده ، لو كان أبواك حيين أو أحدهما لكانا يكفيانك .

وأخرج ابن المنذر من طريق الأوزاعي عن هارون بن رباب قال : دخلت على عبد الملك بن مروان وعنده رجل قد ثنيت له وسادة وهو متكئ عليها ، فقالوا هذا قد لقي هاروت وماروت . فقلت : هذا . . . ! قالوا : نعم . فقلت حدثنا رحمك الله . فأنشأ يحدث فلم يتمالك من الدموع فقال : كنت غلاما حدثا ولم أدرك أبي ، وكانت أمي تعطيني من المال حاجتي فأنفقه وأفسده وأبذره ولا تسألني أمي عنه ، فلما طال ذلك وكبرت أحببت أن أعلم من أين لأمي هذه الأموال ، فقلت لها يوما : من أين لك هذه الأموال ؟ فقالت : يا بني كل وتنعم ولا تسأل فهو خير لك ، فأححت عليها فقالت : إن أباك كان ساحرا ، فلم أزل أسألها وألح ، فأدخلتني بيتا فيه أموال كثيرة فقالت : يا بني هذا كله لك فكل وتنعم ولا تسأل عنه . فقلت : لا بد من أن أعلم من أين هذا .

قال : فقالت : يا بني كل وتنعم ولا تسأل فهو خير لك . قال : فألححت عليها فقالت : إن أباك كان ساحرا وجمع هذه الأموال من السحر . قال : فأكلت ما أكلت ومضى ما مضى ، ثم تفكرت قلت : يوشك أن يذهب هذا المال ويفنى ، فينبغي أن أتعلم السحر فأجمع كما جمع أبي ، فقلت لأمي : من كان خاصة أبي وصديقه من أهل الأرض ؟ قالت : فلان لرجل في مكان ما . فتجهزت فأتيته فسلمت عليه ، فقال : من الرجل ؟ قلت : فلان بن فلان صديقك . قال : نعم مرحبا ، ما جاء بك فقد ترك أبوك من المال ما لا يحتاج إلى أحد ؟ قال : فقلت : جئت لأتعلم السحر . قال : يا بني لا تريده لا خير فيه . قلت : لا بد من أن أتعلمه . قال : فناشدني وألح علي أن لا أطلبه ولا أريده . فقلت : لا بد من أن أتعلمه .

قال : أما إذا أبيت فاذهب فإذا كان يوم كذا وكذا فوافني ههنا . قال : ففعلت فوافيته قال : فأخذ يناشدني أيضا وينهاني ويقول : لا تريد السحر لا خير فيه . فأبيت عليه ، فلما رآني قد أبيت قال : فإني أدخلك موضعا فإياك أن تذكر الله فيه . . . ! قال : فأدخلني في سرب تحت الأرض . قال : فجعلت أدخل ثلثمائة وكذا مرقاة ولا أنكر من ضوء النهار شيئا ، قال : فلما بلغت أسفله إذا أنا بهاروت وماروت معلقان بالسلاسل في الهواء ، قال : فإذا أعينهما كالترسة ، ورؤوسهما ذكر شيئا لا أحفظه ، ولهما أجنحة ، فلما نظرت إليهما قلت : لا إله إلا الله قال : فضربا بأجنحتهما ضربا شديدا وصاحا صياحا شديدا ساعة ثم سكتا ، ثم قلت : أيضا لا إله إلا الله ، ففعلا مثل ذلك ، ثم قلت الثالثة ففعلا مثل ذلك أيضا ، ثم سكتا وسكت ، فنظرا إلي فقالا لي : آدمي . . . ؟ فقلت : نعم . قال : قلت ما بالكما حين ذكرت الله فعلتما ما فعلتما . . . ! قالا : إن ذلك اسم لم نسمعه من حين خرجنا من تحت العرش .

قالا : من أمة من ؟ قلت : من أمة محمد صلى الله عليه وسلم . قالا : أو قد بعث ؟ قلت : نعم . قالا : اجتمع الناس على رجل واحد أو هم مختلفون ؟ قلت : قد اجتمعوا على رجل واحد . قال : فساءهما ذلك فقالا : كيف ذات بينهم ؟ قلت سيئ . فسرهما ذلك فقالا : هل بلغ البنيان بحيرة الطبرية ؟ قلت : لا . فساءهما ذلك فسكتا .

فقلت لهما : ما بالكما حين أخبرتكما باجتماع الناس على رجل واحد ساءكما ذلك ؟ فقالا : إن الساعة لم تقرب ما دام الناس على رجل واحد . قلت : فما بالكما سركما حين أخبرتكما بفساد ذات البين ؟ قالا : لأنا رجونا اقتراب الساعة . قال : قلت : فما بالكما ساءكما أن البنيان لم يبلغ بحيرة الطبرية ؟ قالا : لأن الساعة لا تقوم أبدا حتى يبلغ البنيان بحيرة الطبرية . قال : قلت لهما : أوصياني . قالا : إن قدرت أن لا تنام فافعل فإن الأمر جد .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : وأما شأن هاروت وماروت فإن الملائكة عجبت من ظلم بني آدم ، وقد جاءتهم الرسل والكتب والبينات ، فقال لهم ربهم : اختاروا منكم ملكين أنزلهما في الأرض بين بني آدم ، فاختاروا فلم يألوا بهاروت وماروت ، فقال لهما حين أنزلهما : أعجبتما من بني آدم ومن ظلمهم ومعصيتهم وإنما تأتيهم الرسل والكتب من وراء وراء ، وأنتما ليس بيني وبينكما رسول فافعلا كذا وكذا ودعا كذا وكذا ، فأمرهما بأمر ونهاهما ، ثم نزلا على ذلك ليس أحد لله أطوع منهما ، فحكما فعدلا فكانا يحكمان النهار بين بني آدم ، فإذا أمسيا عرجا وكانا مع الملائكة ، وينزلان حين يصبحان فيحكمان فيعدلان حتى أنزلت عليهما الزهرة في أحسن صورة امرأة تخاصم فقضيا عليها .

فلما قامت وجد كل واحد منهما في نفسه فقال أحدهما لصاحبه : وجدت مثل ما وجدت ؟ قال : نعم . فبعثا إليها أن ائتينا نقض لك . فلما رجعت قضيا لها ، وقالا لها : ائتينا فأتتهما فكشفا لها عن عورتهما ، وإنما كانت شهوتهما في أنفسهما ولم يكونا كبني آدم في شهوة النساء ولذتها ، فلما بلغا ذلك واستحلاه وافتتنا طارت الزهرة فرجعت حيث كانت ، فلما أمسيا عرجا فزجرا فلم يؤذن لهما ولم تحملهما أجنحتهما ، فاستغاثا برجل من بني آدم فأتياه فقالا : ادع لنا ربك . فقال : كيف يشفع أهل الأرض لأهل السماء ؟ قالا : سمعنا ربك يذكرك بخير في السماء . فوعدهما يوما وعدا يدعو لهما ، فدعا لهما فاستجيب له فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ، فنظر أحدهما إلى صاحبه فقالا : نعلم أن أفواج عذاب الله في االآخرة كذا وكذا في الخلد [ ] نعم ، ومع الدنيا سبع مرات مثلها ، فأمرا أن ينزلا ببابل فثم عذابهما ، وزعم أنهما معلقان في الحديد مطويان يصطفقان بأجنحتهما .

وأخرج الزبير بن البكار في الموفقيات وابن مردويه والديلمي عن علي " أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن المسوخ فقال : هم ثلاثة عشر . الفيل ، والدب ، والخنزير ، والقرد ، والجريث ، والضب ، والوطواط ، والعقرب ، والدعموص ، والعنكبوت ، والأرنب ، وسهيل ، والزهرة ، فقيل : يا رسول الله وما سبب مسخهن ؟ فقال : أما الفيل فكان رجلا جبارا لوطيا لا يدع رطبا ولا يابسا ، وأما الدب فكان مؤنثا يدعو الناس إلى نفسه ، وأما الخنزير فكان من النصارى الذين سألوا المائدة فلما نزلت كفروا ، وأما القردة فيهود اعتدوا في السبت ، وأما الجريث فكان ديوثا يدعو الرجال إلى حليلته ، وأما الضب فكان أعرابيا يسرق الحاج بمحجنه ، وأما الوطواط فكان رجلا يسرق الثمار من رؤوس النخل ، وأما العقرب فكان رجلا لا يسلم أحد من لسانه ، وأما الدعموص فكان نماما يفرق بين الأحبة ، وأما العنكبوت فامرأة سحرت زوجها ، وأما الأرنب فامرأة كانت لا تطهر من حيض ، وأما سهيل فكان عشارا باليمن ، وأما الزهرة فكانت بنتا لبعض ملوك بني إسرائيل افتتن بها هاروت وماروت " .

وأخرج الطبراني في الأوسط بسند ضعيف عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حين غير حينه الذي كان يأتيه فيه ، فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " يا جبريل مالي أراك متغير اللون ؟ ! فقال : ما جئتك حتى أمر الله بمفاتيح النار . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا جبريل صف لي النار وانعت لي جهنم . فقال جبريل : إن الله تبارك وتعالى أمر بجهنم فأوقد عليها ألف عام حتى ابيضت ، ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى احمرت ، ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى اسودت ، فهي سوداء مظلمة لا يضيء شررها ولا يطفأ لهبها ، والذي بعثك بالحق لو أن ثقب إبرة فتح من جهنم لمات من في الأرض كلهم جميعا من حره ، والذي بعثك بالحق لو أن ثوبا من ثياب الكفار علق بين السماء والأرض لمات من في الأرض جميعا من حره ، والذي بعثك بالحق لو أن خازنا من خزنة جهنم برز إلى أهل الدنيا فنظروا إليه لمات من في الأرض كلهم من قبح وجهه ومن نتن ريحه ، والذي بعثك بالحق لو أن حلقة من حلق سلسلة أهل النار التي نعت الله في كتابه وضعت على جبال الدنيا لأرفضت وما تقارت حتى تنتهي إلى الأرض السفلى . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " حسبي يا جبريل ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل وهو يبكي فقال : تبكي يا جبريل وأنت من الله بالمكان الذي أنت فيه ؟ فقال : وما لي لا أبكي أنا أحق بالبكاء ، لعلي أكون في علم الله على غير الحال التي أنا عليها ، وما أدري لعلي ابتلى بما ابتلي به إبليس فقد كان من الملائكة ، وما أدري لعلي ابتلى بما ابتلي به هاروت وماروت ، فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكى جبريل ، فما زالا يبكيان حتى نوديا : أن يا جبريل ويا محمد إن الله قد أمنكما أن تعصياه " .

وأما قوله تعالى : { وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة }

أخرج ابن جرير عن الحسين وقتادة قالا : كانا يعلمان السحر ، فأخذ عليهما أن لا يعلما أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر .

وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله { إنما نحن فتنة } قال : بلاء .

وأما قوله تعالى : { فلا تكفر }

أخرج البزار والحاكم وصححه عن عبد الله بن مسعود قال : من أتى كاهنا أو ساحرا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد .

وأخرج البزار عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس منا من تطير أو تطير له ، أو تكهن أو تكهن له ، أو سحر أو سحر له ، ومن عقد عقدة ، ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد " .

وأخرج عبد الرزاق عن صفوان بن سليم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من تعلم شيئا من السحر قليلا أو كثيرا كان آخر عهده من الله " .

وأما قوله تعالى : { فيتعلمون منهما } الآية

أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله :{ فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه } قال : يؤخرون أحدهما عن صاحبه ، ويبغضون أحدهما إلى صاحبه .

وأخرج ابن جرير عن سفيان في قوله :{ إلا بإذن الله } قال : بقضاء الله .

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله :{ ولقد علموا } قال : لقد علم أهل الكتاب فيما يقرؤون من كتاب الله وفيما عهد لهم أن الساحر لا خلاق له عند الله يوم القيامة .

وأخرج مسلم عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الشيطان يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه في الناس ، فأقربهم عنده منزلة أعظمهم عنده فتنة ، فيقول : ما زلت بفلان حتى تركته وهو يقول كذا وكذا . فيقول إبليس : لا والله ما صنعت شيئا ، ويجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله ، فيقربه ويدنيه ويلتزمه ويقول : نعم أنت " .

وأخرج أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني عن عمرو بن دينار قال : قال الحسن بن علي بن أبي طالب لذريح أبي قيس : أحل لك إن فرقت بين نفسي وبيني ، وأما سمعت عمر بن الخطاب يقول : ما أبالي أفرقت بين الرجل وامرأته أو مشيت إليهما بالسيف .

وأخرج ابن ماجة عن أبي رهم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أفضل الشفاعة أن يشفع بين اثنين في النكاح " .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :{ ماله في الآخرة من خلاق } قال : قوام .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :{ ماله في الآخرة من خلاق } قال : من نصيب .

وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل { ماله في الآخرة من خلاق } قال : من نصيب . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت أمية بن أبي الصلت وهو يقول :

يدعون بالويل فيها لا خلاق لهم***إلا سرابيل من قطر وأغلال

وأخرج ابن جرير عن مجاهد { ماله في الآخرة من خلاق } قال : من نصيب .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن الحسن { ماله في الآخرة من خلاق } قال : ليس له دين .

وأما قوله تعالى : { ولبئس ما شروا } الآية

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله :{ ولبئس ما شروا } قال : باعوا .