أخرج الحاكم من طريق سمرة عن كعب قال : كان أيوب بن أموص نبي الله الصابر طويلاً جعد الشعر واسع العينين حسن الخلق ، وكان على جبينه مكتوب : المبتلى الصابر ، وكان قصير العنق عريض الصدر غليظ الساقين والساعدين ، كان يعطي الأرامل ويكسوهم جاهداً ناصحاً لله .
وأخرج الحاكم عن وهب قال : أيوب بن أموص بن رزاح بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل .
وأخرج ابن سعد عن الكلبي قال : أول نبي بعث إدريس ، ثم نوح ثم إبراهيم ، ثم إسماعيل وإسحاق ، ثم يعقوب ثم يوسف ثم لوط ثم هود ، ثم صالح ثم شعيب ثم موسى وهارون ، ثم إلياس ثم اليسع ثم يونس ثم أيوب .
وأخرج ابن عساكر عن وهب قال : كان أيوب أعبد أهل زمانه وأكثرهم مالاً ، فكان لا يشبع حتى يشبع الجائع ، وكان لا يكتسي حتى يكسي العاري ، وكان إبليس قد أعياه أمر أيوب لقوته فلا يقدر عليه ، وكان عبداً معصوماً .
وأخرج أحمد في الزهد وابن عساكر ، عن وهب أنه سئل : ما كانت شريعة قوم أيوب ؟ قال : التوحيد وإصلاح ذات البين . وإذا كانت لأحد منهم حاجة خر لله ساجداً ثم طلب حاجته . قيل : فما كان ماله ؟ قال : كان له ثلاثة آلاف فدان ، مع كل فدان عبد ، مع كل عبد وليدة ومع كل وليدة أتان وأربعة عشرة ألف شاة ، ولم يبت ليلة له إلا وضيف وراء بابه ، ولم يأكل طعامه إلا ومعه مسكين .
وأخرج البيهقي في الشعب عن سفيان الثوري قال : ما أصاب إبليس من أيوب في مرضه إلا الأنين .
وأخرج ابن عساكر عن عقبة بن عامر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم .
«قال الله لأيوب : تدري ما جرمك إليّ حتى ابتليتك ؟ فقال : لا يا رب . قال : لأنك دخلت على فرعون فداهنت عنده في كلمتين » .
وأخرج ابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك ، عن ابن عباس قال : إنما كان ذنب أيوب ، أنه استعان به مسكين على ظلم يدرؤه عنه فلم يعنه ، ولم يأمر بمعروف وينه الظالم عن ظلم المسكين فابتلاه الله .
وأخرج ابن عساكر عن الليث بن سعد قال : كان السبب الذي ابتلي فيه أيوب ، أنه دخل أهل قريته على ملكهم - وهو جبار من الجبابرة - وذكر بعض ما كان ظلمه الناس ، فكلموه فأبلغوا في كلامه ورفق أيوب في كلامه له مخافة منه لزرعه ، فقال الله : «اتقيت عبداً من عبادي من أجل زرعك ؟ » فأنزل الله به ما أنزل من البلاء .
وأخرج ابن عساكر عن أبي إدريس الخولاني ، قال : أجدب الشام ، فكتب فرعون إلى أيوب : أن هلم إلينا فإن لك عندنا سعة .
فأقبل بخيله وماشيته وبنيه فأقطعهم ، فدخل شعيب فقال فرعون : أما تخاف أن يغضب غضبة فيغضب لغضبه أهل السماوات والأرض والجبال والبحار ؟ فسكت أيوب ، فلما خرجا من عنده أوحى الله إلى أيوب : أوسكت عن فرعون لذهابك إلى أرضه ؟ استعد للبلاء . قال : فديني ؟ قال : أسلمه لك . قال : لا أبالي .
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم وابن عساكر ، عن يزيد بن ميسرة قال : لما ابتلى الله أيوب بذهاب المال والأهل والولد ، فلم يبق له شيء ، أحسن الذكر والحمد لله رب العالمين . ثم قال : أحمدك رب الذي أحسنت إليّ . . . . قد أعطيتني المال والولد لم يبق من قلبي شعبة إلا قد دخلها ذلك ، فأخذت ذلك كله مني وفرغت قلبي ، فليس يحول بيني وبينك شيء لا يعلم عدوي إبليس الذي وصفت إلا حسدني ، فلقي إبليس من هذا شيئاً منكراً .
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : كان لأيوب أخوان فجاءا يوماً فلم يستطيعا أن يدنوا منه من ريحه فقاما من بعيد ، فقال أحدهما للآخر : لو كان الله علم من أيوب خيراً ما ابتلاه بهذا ، فجزع أيوب من قولهما جزعاً لم يجزع من شيء قط مثله ، قال : اللهم إن كنت تعلم أني لم أبت ليلة قط شبعاً ، وأنا أعلم مكان جائع فصدقني . فصدّق من في السماء وهما يسمعان ، ثم خر ساجداً وقال : اللهم بعزتك لا أرفع رأسي حتى تكشف عني . فما رفع رأسه حتى كشف الله عنه .
أخرح ابن عساكر عن الحسن قال : ضرب أيوب بالبلاء ، ثم بالبلاء بعد البلاء بذهاب الأهل والمال ، ثم ابتلي في بدنه ، ثم ابتلي حتى قذف في بعض مزابل بني إسرائيل ، فما يعلم أيوب دعا الله يوماً أن يكشف ما به ليس إلا صبراً واحتساباً ، حتى مر به رجلان فقال أحدهما لصاحبه : لو كان الله في هذا حاجة ما بلغ به هذا كله . فسمع أيوب فشق عليه فقال : رب { مسني الضر } ثم رد ذلك إلى ربه فقال : { وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم } قال : { وآتيناه أهله } في الدنيا { ومثلهم معهم } في الآخرة .
وأخرج أحمد عن نوف البكالي قال : مر نفر من بني إسرائيل بأيوب فقالوا : ما أصابه ما أصابه إلا بذنب عظيم أصابه . فسمعها أيوب فعند ذلك قال : { مسني الضر وأنت أرحم الراحمين } وكان قبل ذلك لا يدعو .
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : { أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين } قال : إنه لما مسه الضر أنساه الله الدعاء أن يدعوه فيكشف ما به من ضر ، غير أنه كان يذكر الله كثيراً ولا يزيده البلاء في الله إلا رغبة وحسن إيقان ، فلما انتهى الأجل وقضى الله أنه كاشف ما به من ضر أذن له في الدعاء ويسرّه له ، كان قبل ذلك يقول تبارك وتعالى : «لا ينبغي لعبدي أيوب أن يدعوني ثم لا أستجيب له » فلما دعا استجاب له وأبدله بكل شيء ذهب له ضعفين ، رد أهله ومثلهم معهم ، وأثنى عليه فقال : { إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أوّاب } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.