الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ لَتُبَيِّنُنَّهُۥ لِلنَّاسِ وَلَا تَكۡتُمُونَهُۥ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمۡ وَٱشۡتَرَوۡاْ بِهِۦ ثَمَنٗا قَلِيلٗاۖ فَبِئۡسَ مَا يَشۡتَرُونَ} (187)

أخرج ابن إسحق وابن جرير من طريق عكرمة عن ابن عباس { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس } إلى قوله { عذاب أليم } يعني فنحاص وأشيع وأشباههما من الأحبار .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس } قال : كان أمرهم أن يتبعوا النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته ، وقال : واتبعوه لعلكم تهتدون . فلما بعث الله محمدا قال ( وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم ) ( البقرة الآية 40 ) عاهدهم على ذلك فقال حين بعث محمدا : صدقوه وتلقون عندي الذي أحببتم .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علقمة بن وقاص عن ابن عباس في الآية قال : في التوراة والإنجيل أن الإسلام دين الله الذي افترضه على عباده ، وأن محمدا رسول الله يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل فينبذونه .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب } قال : اليهود { لتبيننه للناس } قال : محمدا صلى الله عليه وسلم .

وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : إن الله أخذ ميثاق اليهود لتبينن للناس محمدا .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : هذا ميثاق أخذه الله على أهل العلم ، فمن علم علما فليعلمه للناس ، وإياكم وكتمان العلم فإن كتمان العلم هلكة ، ولا يتكلفن رجل ما لا علم له به فيخرج من دين الله فيكون من المتكلفين . كان يقول مثل علم لا يقال به كمثل كنز لا ينتفع به ، ومثل حكمة لا تخرج كمثل صنم قائم لا يأكل ولا يشرب . وكان يقال في الحكمة : طوبى لعالم ناطق ، وطوبى لمستمع واع . هذا رجل علم علما فعلمه وبذله ودعا إليه ، ورجل سمع خيرا فحفظه ووعاه وانتفع به .

وأخرج ابن جرير عن أبي عبيدة قال : جاء رجل إلى قوم في المسجد وفيه عبد الله بن مسعود فقال : إن أخاكم كعبا يقرؤكم السلام ويبشركم أن هذه الآية ليست فيكم { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه } فقال له عبد الله : وأنت فأقرئه السلام أنها نزلت وهو يهودي .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : إن أصحاب عبد الله يقرؤون " وإذ أخذ ربك من الذين أوتوا الكتاب ميثاقهم " .

وأخرج ابن جرير عن الحسن أنه كان يفسر قوله { لتبيننه للناس ولا تكتمونه } ليتكلمن بالحق ، وليصدقنه بالعمل .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الشعبي في قوله { فنبذوه وراء ظهورهم } قال إنهم قد كانوا يقرؤونه ولكنهم نبذوا العمل به .

وأخرج ابن جرير عن ابن جريج { فنبذوه } قال : نبذوا الميثاق .

وأخرج ابن جرير عن السدي { واشتروا به ثمنا قليلا } أخذوا طعما ، وكتموا اسم محمد صلى الله عليه وسلم قال : كتموا وباعوا فلم يبدوا شيئا إلا بثمن .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { فبئس ما يشترون } قال : تبديل يهود التوراة .

وأخرج عبد بن حميد عن أبي هريرة قال : لولا ما أخذ الله على أهل الكتاب ما حدثتكم . وتلا { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه } .

وأخرج ابن سعد عن الحسن قال لولا الميثاق الذي أخذه الله على أهل العلم ما حدثتكم بكثير مما تسألون عنه .