مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ لَتُبَيِّنُنَّهُۥ لِلنَّاسِ وَلَا تَكۡتُمُونَهُۥ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمۡ وَٱشۡتَرَوۡاْ بِهِۦ ثَمَنٗا قَلِيلٗاۖ فَبِئۡسَ مَا يَشۡتَرُونَ} (187)

{ وَإِذْ أَخَذَ الله ميثاق الذين أُوتُواْ الكتاب } واذكر وقت أخذ الله ميثاق أهل الكتاب { لَتُبَيّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ } عن الناس بالتاء على حكاية مخاطبتهم كقوله { وَقَضَيْنَا إلى بَنِى إسرائيل فِى الكتاب لَتُفْسِدُنَّ } [ الإسراء : 4 ] وبالياء : مكي وأبو عمرو وأبو بكر ، لأنهم غيب والضمير للكتاب ، أكد عليهم إيجاب بيان الكتاب واجتناب كتمانه { فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ } فنبذوا الميثاق وتأكيده عليهم أي لم يراعوه ولم يلتفتوا إليه ، والنبذ وراء الظهر مثل في الطرح وترك الاعتداد ، وهو دليل على أنه يجب على العلماء أن يبينوا الحق للناس وما علموه وأن لا يكتموا منه شيئاً لغرض فاسد من تسهيل على الظلمة وتطييب لنفوسهم ، أو لجر منفعة أو دفع أذية ، أو لبخل بالعلم ، وفي الحديث : " من كتم علماً عن أهله ألجمه الله بلجام من نار " { واشتروا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً } عرضاً يسيراً { فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ } .