الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ لَتُبَيِّنُنَّهُۥ لِلنَّاسِ وَلَا تَكۡتُمُونَهُۥ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمۡ وَٱشۡتَرَوۡاْ بِهِۦ ثَمَنٗا قَلِيلٗاۖ فَبِئۡسَ مَا يَشۡتَرُونَ} (187)

قوله : ( وَإِذَا اَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ ) الآية [ 187 ] .

من قرأه بالياء رده على ما قبله من اللفظ وهو قوله : ( الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ ) ورده أيضاً على ما بعده وهو قوله : فنبذوه وراء دبورهم واشتروا فالذي قبله والذي بعده يدل على الخبر عن غائب فكانت الياء أولى به .

ومن قرأ بالتاء أجراه( {[11393]} ) على الحكاية عن الميثاق ، وما هو كان المعنى قلنا لهم لتبيننه ، واختار الطبري وغيره( {[11394]} ) الياء لقوله ( فَنَبَذُوهُ ) ولم يقل فنبذتموه . والمعنى اذكر يا محمد إذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب من اليهود وغيرهم ليبينن( {[11395]} ) أمرك الذي في كتابهم للناس ولا يكتمونه ، ( فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ ) إن كتموا أمر الله عز وجل وضيعوه ، ونقضوا ميثاقه ( وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ) أي : عرضاً رخيصاً من عرض الدنيا أي : قبلوا [ الرشا ]( {[11396]} ) على تركه وكتمانه ، ورضوا بالرياسة في الدنيا ، [ وكتبوا ما كتبوا بأيديهم ، وقالوا هذا من عند الله ، وحرفوها بثمن قليل أخذوه عليها ، وكل ما في الدنيا ] قليل( {[11397]} ) ( فَبِيسَ مَا يَشْتَرُونَ ) به والذي عنى به في هذه الآية : اليهود( {[11398]} ) .

وقيل : عنى بها كل من أوتي( {[11399]} ) علماً بأمر الدين( {[11400]} ) .

قال قتادة : هذا ميثاق أخذه الله عز وجل على أهل العلم فمن علم شيئاً ، فليعلمه ، وإياكم كتمان العلم فإن كتمانه هلكة( {[11401]} )( {[11402]} ) .

قال ابن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه : إنه كان يقرأ وإذ أخذ الله ميثاق النبيين ويقول : والمعنى وإذ أخذ اله ميثاق النبيين على قومهم( {[11403]} ) ألا يكتموهم شيئاً ، فنبذه القوم وراء ظهورهم أي تركوا ما بلغت إليهم الرسل( {[11404]} ) . فالذين أوتوا الكتاب هم الرسل في قوله ، والضمير في ( فَنَبَذُوهُ ) يعود على الناس .


[11393]:- في تبيينه قراءتان: (أ) قرأ أبو عمرو وابن كثير وعاصم وأبو بكر بالياء. (ب) وقرأ أهل المدينة والكوفة ونافع وحمزة والكسائي بالتاء. انظر: السبعة 221، وحجة القراءات 185.
[11394]:- انظر: جامع البيان 4/204.
[11395]:- (ج): لتبينن وهو تحريف.
[11396]:- ساقط من (أ) (ج).
[11397]:- ساقط من (أ).
[11398]:- انظر: جامع البيان 4/202.
[11399]:- (أ) (ج): أتي وهو خطأ.
[11400]:- انظر: المصدر السابق.
[11401]:- (أ) (ج): هلاكه.
[11402]:- انظر: جامع البيان 4/203.
[11403]:- انظر: (أ) (ج): قولهم.
[11404]:- انظر: (ج) 4/203-204.