بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ لَتُبَيِّنُنَّهُۥ لِلنَّاسِ وَلَا تَكۡتُمُونَهُۥ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمۡ وَٱشۡتَرَوۡاْ بِهِۦ ثَمَنٗا قَلِيلٗاۖ فَبِئۡسَ مَا يَشۡتَرُونَ} (187)

قوله تعالى : { وَإِذْ أَخَذَ الله ميثاق الذين أُوتُواْ الكتاب } يعني : أخذ عليهم الميثاق حين أخذ ذرية آدم من ظهورهم . ويقال : أخذ عليهم الميثاق بالوحي في كتب الأنبياء { لَتُبَيّنُنَّهُ لِلنَّاسِ } يعني : نعت محمد صلى الله عليه وسلم وصفته { وَلاَ تَكْتُمُونَهُ } عنهم . قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر : { ليبيننه للناس ولا يكتمونه } ، كلاهما بالياء . وقرأ الباقون بالتاء ، فمن قرأ بالياء فمعناه أخذ عليهم الميثاق ليبيننه للناس ولا يكتمونه ، ومن قرأ بالتاء فمعناه أخذ عليهم الميثاق ، وقال لهم : لتبيننه للناس ولا تكتمونه . ثم أخبر عن سوء معاملتهم ونقضهم الميثاق فقال تعالى : { فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ } أي طرحوه خلف ظهورهم ، يعني أنهم تركوا الميثاق ولم يعملوا به { واشتروا بِهِ } أي بكتمان نعت محمد صلى الله عليه وسلم وصفته { ثَمَناً قَلِيلاً } أي عَرضاً يسيراً من متاع الدنيا { فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ } يعني : بئس ما يختارون لأنفسهم الدنيا على الآخرة .