جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ لَتُبَيِّنُنَّهُۥ لِلنَّاسِ وَلَا تَكۡتُمُونَهُۥ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمۡ وَٱشۡتَرَوۡاْ بِهِۦ ثَمَنٗا قَلِيلٗاۖ فَبِئۡسَ مَا يَشۡتَرُونَ} (187)

{ وإذ أخذ الله } أي : اذكره ، { ميثاق الذين أوتوا الكتاب } :{[899]} بلسان أنبيائهم ، { لتُبيّنُنّه للناس } : حكاية لمخاطبتهم أي : والله لتبينن الكتاب بجملته لهم ، { ولا تكتمونه فنبذوه } أي : الميثاق ، { وراء ظهورهم } : هو مثل{[900]} في ترك الاعتداد والاعتبار{[901]} ، { واشتروا به ثمناً قليلاً } أخذوا بدله قليلا من حطام الدنيا ، { فبئس ما يشترون{[902]} } : يختارون .


[899]:والظاهر أن المراد بأهل الكتاب كل من آتاه الله علم شيء من الكتاب أيّ كتاب كان كما يفيده التعريف الجنسي في الكتاب قال الحسن وقتادة: إن الآية عامة لكل عالم وكذا قال محمد بن كعب، ويدل على ذلك قول أبي هريرة: لولا ما أخذه الله على أهل الكتاب ما حدثتكم بشيء ثم تلا هذه الآية/12 فتح.
[900]:ونقيضه: جعله نصب عينيه، وألقاه بين عينيه/12 منه.
[901]:اعلم أن ظاهر هذه الآية وإن كان مختصا باليهود والنصارى فإنه لا يبعد أيضا دخول المسلمين فيه لأنهم أهل القرآن وهو أشرف الكتب/12 كبير. قال قتادة: هذا ميثاق أخذه الله تعالى على أهل العلم فمن علم شيئا فليعلمه وإياكم وكتمان العلم فإنه هلكة، وقال أبو هريرة: لولا ما أخذ الله على أهل الكتاب ما حدثتكم بشيء ثم تلا هذه الآية/12 معالم، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من سُئل علما يعلمه فكتمه ألجم بلجام من نار) أخرجه الترمذي/12 فتح [صحيح، أخرجه أحمد وأصحاب السنن الأربعة والحاكم من حديث أبي هريرة مرفوعا، وانظر صحيح الجامع (6284)].
[902]:معناه أنهم أخفوا الحق ليتوسلوا به إلى وجدان شيء من الدنيا، فكل من لم يبين الحق للناس وكتم شيئا منه لغرض فاسد من تسهيل على الظلمة وتطييب لقلوبهم أو لجر منفعة أو لتقية وخوف، أو لبخل بالعلم دخل تحت هذا الوعيد/12 تفسير كبير.