الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلۡمَهۡدِ وَكَهۡلٗا وَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (46)

أخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج قال : بلغني عن ابن عباس قال : { المهد } مضجع الصبي في رضاعه .

وأخرج البخاري وابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى عليه السلام ، وكان في بني إسرائيل رجل يقال له جريج كان يصلي فجاءته أمه فدعته فقال : أجيبها أو أصلي ؟ فقالت : اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات . وكان جريج في صومعته ، فتعرضت له امرأة وكلمته فأبى ، فأتت راعيا فأمكنته من نفسها ، فولدت غلاما فقالت : من جريج . . . فأتوه فكسروا صومعته ، وأنزلوه وسبوه ، فتوضأ وصلى ، ثم أتى الغلام فقال : من أبوك يا غلام ؟ قال : الراعي . . . فقالوا له : نبني صومعتك من ذهب قال : لا ، إلا من طين .

و كانت امرأة ترضع ابنا لها من بني إسرائيل فمر بها رجل راكب ذو شارة فقالت : اللهم اجعل ابني مثله . فترك ثديها وأقبل على الراكب فقال : اللهم لا تجعلني مثله . ثم أقبل على ثديها يمصه ، ثم مرا بأمة تجزر ويلعب بها فقالت : اللهم لا تجعل ابني مثل هذه . فترك ثديها فقال : اللهم اجعلني مثلها فقالت : لم ذاك . . . ؟ ! فقال : الراكب جبار من الجبابرة ، وهذه الأمة يقولون لها زنيت وتقول حسبي الله ، ويقولون سرقت وتقول حسبي الله .

وأخرج أبو الشيخ والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم يتكلم في المهد إلا عيسى ، وشاهد يوسف ، وصاحب جريج ، وابن ماشطة فرعون " .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة { ويكلم الناس في المهد وكهلا } قال : يكلمهم صغيرا وكبيرا .

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس { وكهلا } قال : في سن كهل .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : " الكهل " الحليم .

وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن أبي حبيب قال : " الكهل " منتهى الحلم .

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : قد كلمهم عيسى عليه السلام في المهد ، وسيكلمهم إذا أقبل الدجال ، وهو يومئذ كهل .