الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَلَيۡسَتِ ٱلتَّوۡبَةُ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ حَتَّىٰٓ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ إِنِّي تُبۡتُ ٱلۡـَٰٔنَ وَلَا ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمۡ كُفَّارٌۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا} (18)

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عمر قال : التوبة مبسوطة للعبد ما لم يسق . ثم قرأ { وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن } ثم قال : وهل الحضور إلا السوق ؟

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله { حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن } قال : لا يقبل ذلك منه .

وأخرج ابن المنذر من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله { وليست التوبة للذين يعملون السيئات . . . } الآية . قال هم أهل الشرك .

وأخرج ابن جرير من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله { وليست التوبة للذين يعملون السيئات . . . } الآية . قال : هم أهل الشرك .

وأخرج ابن جرير من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس { وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن } فليس لهذا عند الله توبة { ولا الذين يموتون وهم كفار } أولئك أبعد من التوبة .

وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله { وليست التوبة } الآية . قال : فأنزل الله بعد ذلك ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ( النساء الآية 48 ) فحرم الله المغفرة على من مات وهو كافر ، وأرجأ أهل التوحيد إلى مشيئته فلم يؤيسهم من المغفرة .

وأخرج ابن المنذر عن ابن عمرو قال : ما من ذنب مما يعمل بين السماء والأرض يتوب منه العبد قبل أن يموت إلا تاب الله عليه .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن إبراهيم النخعي قال : كان يقال : التوبة مبسوطة ما لم يؤخذ بكظمه .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عمرو قال : من تاب قبل موته بفواق تيب عليه . قيل : ألم يقل الله { وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن . . . } فقال : إنما أحدثك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وأخرج أحمد والبخاري في التاريخ والحاكم وابن مردويه عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يقبل توبة عبده . أو يغفر لعبده ما لم يقع الحجاب . قيل : وما وقوع الحجاب ؟ قال : تخرج النفس وهي مشركة " .