السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَيۡسَتِ ٱلتَّوۡبَةُ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ حَتَّىٰٓ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ إِنِّي تُبۡتُ ٱلۡـَٰٔنَ وَلَا ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمۡ كُفَّارٌۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا} (18)

{ وليست التوبة للذين يعملون السيآت } أي : الذنوب { حتى إذا حضر أحدهم الموت } أي : أخذ في النزع { قال } عند مشاهدة ما هو فيه { إني تبت الآن } حين لا يقبل من كافر إيمان ولا من عاص توبة قال تعالى : { فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا } ( غافر ، 85 ) .

ولذلك لم ينفع إيمان فرعون حين أدركه الغرق { ولا الذين يموتون وهم كفار } أي : إذا تابوا في الآخرة عند معاينة العذاب لا ينفعهم ذلك ، ولا تقبل توبتهم ، فسوى سبحانه وتعالى بين الذين سوفوا توبتهم إلى حضور الموت وبين الذين ماتوا على الكفر في أنه لا توبة لهم ؛ لأنّ حضور الموت أوّل أحوال الآخرة ، فكما أن المصرين على الكفر قد فاتتهم التوبة على اليقين فكذلك المسوف إلى حضور الموت لمجاوزة كل منهما أوان التكليف والاختيار وقوله تعالى : { أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً } أي : مؤلماً تأكيد لعدم قبول توبتهم وبيان أن العذاب أعده لهم لا يعجزه عذابهم متى شاء والاعتداد التهيئة من العتاد وهو العدة ، وقيل : أصله أعددنا أبدلت الدال الأولى تاء .