وقوله : { لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ } متعلق بما تعلق به الخبر ، أو بمحذوف وقع حالاً . والسوء هنا : العمل السيىء . وقوله : { بِجَهَالَةٍ } متعلق بمحذوف وقع صفة أو حالاً ، أي : يعملونها متصفين بالجهالة ، أو جاهلين . وقد حكى القرطبي ، عن قتادة أنه قال : أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن كل معصية ، فهي بجهالة عمداً كانت أو جهلاً . وحكى عن الضحاك ، ومجاهد أن الجهالة هنا : العمد ، وقال عكرمة : أمور الدنيا كلها جهالة ، ومنه قوله تعالى : { إِنَّمَا الحياة الدنيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ } [ محمد : 36 ] وقال الزجاج : معناه بجهالة اختيارهم اللذة الفانية على اللذة الباقية . وقيل معناه : أنهم لا يعلمون كنه العقوبة ، ذكره ابن فورك ، وضعفه ابن عطية . قوله : { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ } معناه قبل أن يحضرهم الموت ، كما يدل عليه قوله : { حتى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الموت } وبه قال أبو مجلز ، والضحاك ، وعكرمة ، وغيرهم ، والمراد قبل المعاينة للملائكة ، وغلبة المرء على نفسه ، و «من » في قوله : { مِن قَرِيبٍ } للتبعيض ، أي : يتوبون بعض زمان قريب ، وهو ما عدا وقت حضور الموت . وقيل معناه : قبل المرض ، وهو ضعيف ، بل باطل لما قدمنا ، ولما أخرجه أحمد ، والترمذي ، وحسنه ، وابن ماجه ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في الشعب ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر " وقيل معناه : يتوبون على قرب عهد من الذنب من غير إصرار .
قوله : { فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ الله عَلَيْهِمْ } هو وعد منه سبحانه بأنه يتوب عليهم بعد بيانه أن التوبة لهم مقصورة عليهم .
وقوله : { وَلَيْسَتِ التوبة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السيئات } تصريح بما فهم من حصر التوبة فيما سبق على من عمل السوء بجهالة ، ثم تاب من قريب . قوله : { حتى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الموت } «حتى » حرف ابتداء ، والجملة المذكورة بعدها غاية لما قبلها ، وحضور الموت حضور علاماته ، وبلوغ المريض إلى حالة السياق ، ومصيره مغلوباً على نفسه مشغولاً بخروجها من بدنه ، وهو وقت الغرغرة المذكورة في الحديث السابق ، وهي بلوغ روحه حلقومه ، قاله الهروي . وقوله : { قَالَ إِنّى تُبْتُ الآن } أي : وقت حضور الموت . قوله : { وَلاَ الذين يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ } معطوف على الموصول في قوله : { لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السيئات } أي : ليست التوبة لأولئك ، ولا للذين يموتون ، وهم كفار مع أنه لا توبة لهم رأساً ، وإنما ذكروا مبالغة في بيان عدم قبول توبة من حضرهم الموت ، وأن وجودها كعدمها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.