الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{ٱلنَّارُ يُعۡرَضُونَ عَلَيۡهَا غُدُوّٗا وَعَشِيّٗاۚ وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدۡخِلُوٓاْ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ أَشَدَّ ٱلۡعَذَابِ} (46)

أخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد عن هذيل بن شرحبيل رضي الله عنه قال : إن أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تغدو وتروح على النار . فذلك عرضها ، وأرواح الشهداء في أجواف طير خضر ، وأولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحنث في أجواف عصافير من عصافير الجنة ترعى وتسرح .

وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه أنه سئل عن أرواح الشهداء قال : تجعل أرواحهم في أجواف طير خضر تسرح في الجنة ، وتأوي بالليل إلى قناديل من ذهب معلقة بالعرش فتأوي فيها . قيل فأرواح الكفار ؟ قال : توجد أرواحهم فتجعل في أجواف طير سود تغدو وتروح على النار . ثم قرأ هذه الآية { النار يعرضون عليها غدواً وعشياً } .

وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تسرح بهم في الجنة حيث شاءوا ، وإن أرواح ولدان المؤمنين في أجواف عصافير تسرح في الجنة حيث شاءت ، وإن أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تغدو على جهنم وتروح . فذلك عرضها .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه { النار يعرضون عليها غدواً وعشياً } قال : صباحاً ومساءً . يقال لهم : هذه منازلكم ، فانظروا إليها توبيخاً ونقمة وصغاراً .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله { يعرضون عليها غدواً وعشياً } قال : ما كانت الدنيا تعرض أرواحهم .

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه . أنه كان له صرختان في كل يوم غدوة وعشية . كان يقول أول النهار : ذهب الليل وجاء النهار ، وعرض آل فرعون على النار فلا يسمع أحد صوته إلا استعاذ بالله من النار .

وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت وابن جرير عن الأوزاعي رضي الله عنه ؛ أنه سأله رجل فقال : يا أبا عمرو إنا نرى طيراً أسود تخرج من البحر فوجاً فوجاً لا يعلم عددها إلا الله تعالى فإذا كان العشاء عاد مثلها بيضا ؟ ! قال : وفطنتم لذلك ؟ قالوا : نعم . قال : تلك في حواصلها أرواح آل فرعون { يعرضون على النار غدواً وعشياً } فترجع وكورها وقد أحرقت رياشها وصارت سوداء ، فينبت عليها ريش أبيض وتتناثر السود ، ثم تعرض على النار ، ثم ترجع إلى وكورها ، فذلك دأبهم في الدنيا ، فإذا كان يوم القيامة قال الله { أدخلوا آل فرعون أشد العذاب } .

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده من الغداة والعشي . إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار . يقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة . زاد ابن مردويه { النار يعرضون عليها غدواً وعشياً } » .

وأخرج البزار وابن أبي حاتم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ما أحسن محسن مسلم أو كافر إلا أثابه الله . قلنا يا رسول الله ما إثابة الكافر ؟ قال : المال ، والولد ، والصحة ، وأشباه ذلك . قلنا : وما إثابته في الآخرة ؟ قال : عذاباً دون العذاب » وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { أدخلوا آل فرعون أشد العذاب } قراءة مقطوعة الألف .