جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{ٱلنَّارُ يُعۡرَضُونَ عَلَيۡهَا غُدُوّٗا وَعَشِيّٗاۚ وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدۡخِلُوٓاْ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ أَشَدَّ ٱلۡعَذَابِ} (46)

{ النار يعرضون{[4375]} عليها غدوا وعشيا } مبتدأ وخبر أو النار بدل من سوء العذاب ، ويعرضون حال ، { ويوم تقوم الساعة } ، قيل لهم ، { أدخلوا{[4376]} آل فرعون أشد العذاب } ، في الصحيحين " إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة ، فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار ، فمن أهل النار فيقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة " ، وهذه الآية أصل في استدلال عذاب القبر وعليه سؤال وهو أن الآية لا شك في أنها مكية ، وفي مسند الإمام أحمد بإسناد صحيح على شرط الشيخين أن يهودية في المدينة كانت تعيذ عائشة عن عذاب القبر ، فسألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " كذب يهود لا عذاب دون يوم القيامة " ، فلما مضى بعض أيام نادى عليه السلام محمرا عيناه بأعلى صوته : " أيها الناس استعيذوا بالله من عذاب القبر{[4377]} ، فإنه حق " فقيل في جوابه : إن الآية دلت على عذاب الأرواح في البرزخ وما نفاه أولا ثم أثبته عليه السلام عذاب الجسد فيه ، والأولى أن يقال الآية دلت على عذاب الكفار فيه وما نفاه ثم أثبته عذاب القبر للمؤمنين ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن يهودية قالت : أشعرت أنكم تفتنون في القبور فلما سمع عليه الصلاة والسلام قولها ارتاع وقال : " إنما يفتن اليهود " ثم قال بعد ليال : " أشعرت أنه أوحى إلي أنكم تفتنون في القبور " ، ثم كان بعده يستعيذ من عذاب القبر


[4375]:قيل: المراد من العرض الإحراق بها، يقال عرض الإمام الأسارى على السيف إذا قتلهم وفيما بين الغدو والعشي الله أعلم بحالهم، إما التنفيس أو التعذيب بغير النار وجاز أن يراد من الغداة والعشي الدوام/12 وجيز [قلت: والأخير هو الصواب، وهو ما رجحه الطيى في شرحه على المشكاة بتحقيقي في بعض المواضع، وسماه بالكناية الزبدية].
[4376]:قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو وأبو بكر بحذف الألف والوصل وبضمها في الابتداء وضم الخاء من الدخول، وقرأ الآخرون أدخلوا بقطع الألف وكسر الخاء من الإدخال أي: يقال للملائكة أدخلوا/12 معالم.
[4377]:أخرجه أحمد في "المسند" [6/81] بسند صحيح