الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ٱلنَّارُ يُعۡرَضُونَ عَلَيۡهَا غُدُوّٗا وَعَشِيّٗاۚ وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدۡخِلُوٓاْ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ أَشَدَّ ٱلۡعَذَابِ} (46)

قال السدي : بلغني أن أرواح قوم فرعون في أجواف طير سود تعرض على النار غدوا وعشيا حتى تقوم الساعة{[59726]} .

{ غدوا } مصدر جعل ظرفا .

وقال حماد بن محمد الفزاري{[59727]} وسأله{[59728]} رجل فقال : رحمك الله ، رأينا طيورا{[59729]} تخرج من البحر تأخد ناحية الغرب – بيضا – فوجا فوجا لا يعلم عددها{[59730]} إلا الله ، / فإذا كان العشي رجع مثلها سودا ؟ !

قال : وفطنتم إلى ذلك ! قال : نعم .

قال : إن تلك الطيور في حواصلها أرواح آل فرعون يعرضون على النار غدوا وعشيا ، فترجع إلى وكورها وقد احترقت رياشها وصارت سودا ، فتنبت{[59731]} عليها من الليل رياشٌ بيضاء ، وتتناثر السود ، ثم تعدو ( يعرضون على النار غدوا وعشيا ) ثم ترجع إلى وكورها ، فذلك دأبها في الدنيا . فإن كان يوم القيامة قال الله : أدخلوا أل فرعون أشد العذاب » .

وكانوا يقولون : كانوا ست مائة ألف مقاتل{[59732]} .

قال قتادة : يعرضون على النار صباحا ومساء . يقال : هذه منازلكم ، توبيخا ونقمة وصغارا لهم{[59733]} ، قال مجاهد : غُدوا وعشيا ما كانت الدنيا{[59734]} .

ويدل على أن هذا العرض يكون في الدنيا قوله بعد ذلك : { ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب } .

فمن وصل الألف نصف ( آل{[59735]} فرعون ) على النداء المضاف .

ومن قطعها نصبهم ( بأدخلوا ){[59736]} .

وقوله : { سوء العذاب } وقف حسن إن رفعت ( النار ) على إضمار مبتدأ أو على الابتداء{[59737]} .

وأجاز أبو حاتم الوقف على ( وعشيا ){[59738]} ، وهو بعيد ، لأن ( ويوم تقوم الساعة ) منصوب بيعرضون ){[59739]} ، أي : يعرضون على النار في الدنيا ، يوم تقوم الساعة .

ومن نصبه ( بأدخلوا ) حسن أن يقف على ( وعشيا ){[59740]} وهو حسن{[59741]} . ( والعذاب ) وقف إن نصبت ( وإذ يتحاجون ) على معنى : واذكر{[59742]} إذ يتحاجون . وعليه التفسير وهو حسن جيد{[59743]} .

وإن نصبته على العطف{[59744]} على { وأنذرهم يوم الآزفة }[ 17 ] لم تقف دونه ، وهو بعيد لبعد ما بينهما . وقد قال به قوم .


[59726]:انظر: جامع البيان 24/46، والمحرر الوجيز 14/144. ورد في تفسير الثوري 263 عن ابن شرحبيل، وفي تفسير ابن مسعود 548 عن ابن مسعود.
[59727]:لم أقف على ترجمته إلا في (المغني في الضعفاء) 1/190 ت 1726 حيث قال فيه الذهبي: (حماد بن محمد الفزاري عن مقاتل، قال صالح جزرة: ضعيف.
[59728]:كذا في (ت) و(ح) ولعل الصواب: وقد سأله.
[59729]:(ت) و(ح): طيور. والتصويب من مصادر توثيقه.
[59730]:(ح): عددهم.
[59731]:(ح): فينبت.
[59732]:انظر: جامع البيان 24/46، والمحرر الوجيز 14/144، وجامع القرطبي 15/319، وتفسير ابن كثير 4/83. وقد أورده ابن كثير بلفظه، اما ابن عطية في المحرر الوجيز فقد أورده مختصرا عن الأوزاعي.
[59733]:انظر: جامع البيان 24/46، وتفسير ابن كثير 4/83.
[59734]:انظر: جامع البيان 24/46، وجامع القرطبي 15/319.
[59735]:(ت): الى.
[59736]:قرأ (ادخلوا) بالوصل وضم الخاء ابن كثير، وأبو عمر، وابن عامر، وعاصم في رواية أبي بكر، وعلي بن أبي طالب، والحسن وقتادة. وقرأها بقطع الألف وكسر الخاء، نافع، وحمزة، والكسائي وحفص، وأبو جعفر، وشييبة، والأعمش، وابن وثاب، وطلحة. انظر: الكشف 2/245، وحجة القراءات 633، والسبعة 572، وإعراب النحاس 4/35، والمحرر الوجيز 14/144، والبيان في غريب القرآن 2/332.
[59737]:انظر: مشكل إعراب القرآن 2/637، والقطع والإئتناف 627، والمكتفى 479، ومنار الهدى 276، والمقصد 75. والوقف الحسن هو الذي يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده، لتعلقه به من جهة اللفظ والمعنى جميعا. انظر: المكتفي 145.
[59738]:نظر القطع والإئتناف 628.
[59739]:(ت): (بيعرضون على النار في الدنيا ويوم تقوم الساعة منصوب بيعرض).
[59740]:(ح): (عشيا).
[59741]:انظر: المكتفى 494، ومنار الهدى 276، والمقصد 75.
[59742]:(ت): واذكروا.
[59743]:انظر: القطع والإئتناف 628، والمكتفى 494، ومنار الهدى 276.
[59744]:(ت): العطف.