نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{ٱلنَّارُ يُعۡرَضُونَ عَلَيۡهَا غُدُوّٗا وَعَشِيّٗاۚ وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدۡخِلُوٓاْ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ أَشَدَّ ٱلۡعَذَابِ} (46)

ثم بين ذلك بقوله : { النار } أي حال كونهم { يُعرضون عليها } أي في البرزخ { غدواً وعشياً } أي غادين ورائحين في وقت استرواحهم بالأكل واستلذاذهم به - هذا دأبهم طول أيام البرزخ ، وكان عليهم في هذا العرض زيادة نكد فوق ما ورد عاماً مما روى مالك والشيخان وغيرهم عن أن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ، فيقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة " ولعل زيادة النكد أنهم هم المعروضون ، فيذهب بهم في الأغلال يساقون لينظروا ما أعد الله لهم ، وعامة الناس يقتصر في ذلك على أن يكشف لهم - وهو في محالّهم - عن مقاعدهم ، ففي ذلك زيادة إهانة لهم ، وهو مثل : عرض الأمير فلاناً على السيف إذا أراد قتله ، هذا دأبهم إلى أن تقوم الساعة { ويوم تقوم الساعة } يقال لهم : { ادخلوا آل } أي يا آل { فرعون } هو نفسه وأتباعه لأجل اتباعهم له فيما أضلهم به ، وجعله نافع وحمزة والكسائي ويعقوب وحفص فعل أمر من الإدخال ، فالتقدير : نقول لبعض جنودنا : أدخلوا آله لأجل ضلالهم به اليوم { أشد العذاب } وإذا كان هذا لآله لأجله كان له أعظم منه من باب الأولى ، وهذه الآية نص في عذاب القبر كما نقل عن عكرمة ومحمد بن كعب .