الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{إِنِّيٓ أُرِيدُ أَن تَبُوٓأَ بِإِثۡمِي وَإِثۡمِكَ فَتَكُونَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلنَّارِۚ وَذَٰلِكَ جَزَـٰٓؤُاْ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (29)

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله { إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك } قال : بقتلك إياي { وإثمك } قال : بما كان منك قبل ذلك .

وأخرج عن قتادة والضحاك . مثله .

وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل { إني أريد أن تبوأ بإثمي وإثمك } قال : ترجع بإثمي وإثمك الذي عملت فتستوجب النار . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت الشاعر يقول :

من كان كاره عيشه فليأتنا *** يلقى المنية أو يبوء عناء

وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن سعد بن أبي وقاص : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إنها ستكون فتنة ، القاعد فيها خير من القائم ، والقائم خير من الماشي ، والماشي خير من الساعي ، قال : أفرأيت إن دخل علي بيتي فبسط إليّ يده ليقتلني ؟ قال : كن كابن آدم ، وتلا { لئن بسطت إلىّ يدك لتقتلني } الآية » .

وأخرج أحمد ومسلم والحاكم عن أبي ذر قال « ركب النبي صلى الله عليه وسلم حماراً وأردفني خلفه فقال : يا أبا ذر أرأيت إن أصاب الناس جوع لا تستطيع أن تقوم من فراشك إلى مسجدك ، كيف تصنع ؟ قلت : الله ورسوله أعلم ! قال : تعفف يا أبا ذر ، أرأيت إن أصاب الناس موت شديد يكون البيت فيه بالعبد يعني القبر ؟ قلت : الله ورسوله أعلم ! قال : اصبر يا أبا ذر . قال : أرأيت إن قتل الناس بعضهم بعضاً حتى تغرق حجارة الزيت من الدماء ، كيف تصنع ؟ قلت : الله ورسوله أعلم ! قال : اقعد في بيتك واغلق بابك . قلت : فإن لم أترك ؟ قال : فائت من أنق منهم فكن فيهم . قلت : فآخذ سلاحي ؟ قال : إذن تشاركهم فيما هم فيه ، ولكن إن خشيت أن يروّعك شعاع السيف فالق طرف ردائك على وجهك حتى يبوء بإثمه وإثمك فيكون من أصحاب النار » .

وأخرج البيهقي عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « اكسروا سيفكم يعني في الفتنة ، واقطعوا أوتاركم ، والزموا أجواف البيوت ، وكونوا فيها كالخير من ابني آدم » .

وأخرج ابن مردويه عن حذيفة قال : لئن اقتتلتم لأنتظرن أقصى بيت في داري فلألجنَّه فلئن دخل عليَّ فلأقولن : ها بؤ بإثمي وإثمك كخير ابني آدم .

وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن أبي نضرة قال : دخل أبو سعيد الخدري يوم الحرة غاراً ، فدخل عليه الغار رجل ومع أبي سعيد السيف ، فوضعه أبو سعيد وقال : بؤ بإثمي وإثمك وكن من أصحاب النار ، ولفظ ابن سعد وقال : { إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار } قال أبو سعيد الخدري : أنت . . . ؟ ! قال : نعم . قال : فاستغفر لي . قال : غفر الله لك .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن ابني آدم ضربا مثلاً لهذه الأمة فخذوا بالخير منهما » .

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « يا أيها الناس ألا إن ابني آدم ضربا لكم مثلاً ، فتشبهوا بخيرهما ولا تتشبهوا بشرهما » .

وأخرج ابن جرير من طريق المعتمر بن سليمان عن أبيه قال : قلت لبكر بن عبد الله : أما بلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال « إن الله ضرب لكم ابني آدم مثلاً ، فخذوا خيرهما ودعوا شرهما ؟ . . قال بلى » .

وأخرج الحاكم بسند صحيح عن أبي بكرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ألا إنها ستكون فتن ، ألا ثم تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي إليها ، فإذا نزلت فمن كان له إبل فليلحق بإبله ، ومن كان له أرض فليلحق بأرضه . فقيل : أرأيت يا رسول الله إن لم يكن له ذلك ؟ قال : فليأخذ حجراً فليدق به على حد سيفه ، ثم لينج إن استطاع النجاة ، اللهم هل بلغت ثلاثاً . فقال رجل : يا رسول الله ، أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين ، فيرميني رجل بسهم أو يضربني بسيف فيقتلني ؟ قال يبوء بإثمه وإثمك فيكون من أصحاب النار . قالها ثلاثاً » .

وأخرج الحاكم وصححه عن حذيفة أنه قيل له : ما تأمرنا إذا قتل المصلون ؟ قال : آمرك أن تنظر أقصى بيت في دارك فتلج فيه ، فإن دخل عليك فتقول له : بُؤْ بإثمي وإثمك فتكون كابن آدم .

وأخرج أحمد والحاكم عن خالد بن عرفطة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « يا خالد إنه سيكون بعدي أحداث وفتن واختلاف ، فإن استطعت أن تكون عبد الله المقتول لا القاتل فافعل » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول « يكون فتنة النائم فيها خير من المضطجع ، والمضطجع خير من القاعد ، والقاعد خير من الماشي ، والماشي خير من الساعي ، قتلاها كلها في النار . قال : يا رسول الله ، فيم تأمرني إن أدركت ذلك ؟ قال : ادخل بيتك . قلت : أفرأيت إن دخل عليَّ ؟ قال : قل بؤ بإثمي وإثمك ، وكن عبد الله المقتول » .

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر عن الأوزاعي قال : من قتل مظلوماً كفَّر الله كل ذنب عنه ، وذلك في القرآن { إني أريد أن تبوأ بإثمي وإثمك } .

وأخرج ابن سعد عن خباب بن الأرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم « أنه ذكر فتنة القاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي ، فإن أدركت ذلك فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « يعجز أحدكم أتاه الرجل أن يقتله أن يقول هكذا ، وقال بإحدى يديه على الأخرى ، فيكون كالخير من ابني آدم ، وإذا هو في الجنة وإذا هو في الجنة وإذا قاتله في النار » .