غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِنِّيٓ أُرِيدُ أَن تَبُوٓأَ بِإِثۡمِي وَإِثۡمِكَ فَتَكُونَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلنَّارِۚ وَذَٰلِكَ جَزَـٰٓؤُاْ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (29)

27

ثم قال : { إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك } فسئل أنه كيف يعقل أن يرجع القاتل مع إثم المقتول { ولا تزر وازرة وزر أخرى }[ الأنعام :164 ] ؟ فقال ابن عباس وابن مسعود والحسن وقتادة : أي تحمل إثم قتلي وإثمك الذي كان منك قبل قتلي . وقال الزجاج : ترجع إلى الله بإثم قتلي وأثمك الذي من أجله لم يتقبل قربانك . وقال في الكشاف : إنه يحتمل مثل الإثم المقدر كأنه قال إني أريد أن تبوء بمثل إثمي لو بسطت إليك يدي . سؤال آخر : كيف جاز أن يريد معصية أخيه وكونه من أهل النار ؟ والجواب أن هذا الكلام إنما دار بينهما عندما غلب على ظن المقتول أنه يريد قتله وكان ذلك قبل إقدام القاتل على إيقاع القتل فكأنه لما وعظه ونصحه قال له : إن كنت لا تنزجر عن هذه الكبيرة بسبب هذه النصيحة فلا بد أن تترصد لقتلي في وقت غفلة وحينئذٍ لا يمكنني أن أدفعك عن قتلي إلاّ إذا قتلتك ابتداء بمجرد الظن والحسبان وهذا مني كبيرة ومعصية ، وإذا دار الأمر بين أن أكون فاعل هذه المعصية أنا وبين أن تكون أنت فأنا أحب أن تحصل هذه الكبيرة لك لا لي ، ومن البين أن إرادة صدور الذنب عن الغير في هذه الحالة لا يكون حراماً بل هو عين الطاعة . أو المراد أريد أن تبوء بعقوبة قتلي ، ولا شك أنه يجوز للمظلوم أن يرد من الله تعالى عقاب الظالم . وروي أنّ الظالم إذا لم يجد يوم القيامة ما يرضي خصمه أخذ من سيئات المظلوم وحمل على الظالم ، فعلى هذا يجوز أن يقال : إني أريد أن تبوء بإثمي الذي يحمل عليك يوم القيامة إذا لم تجد ما يرضيني ، وبإثمك في قتلك إياي وهذا يصلح جواباً عن السؤال الأوّل أيضاً .

/خ40