الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِنِّيٓ أُرِيدُ أَن تَبُوٓأَ بِإِثۡمِي وَإِثۡمِكَ فَتَكُونَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلنَّارِۚ وَذَٰلِكَ جَزَـٰٓؤُاْ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (29)

قوله : ( إِنِّيَ( {[15665]} ) أُرِيدُ أَن تَبُوأَ بِإِثْمِي( {[15666]} ) ) الآية [ 31 ] .

ومعنى إرادته لأن يبوأ( {[15667]} ) أخوهُ بإثمه : أن المؤمن يريد الثواب ولا ينبسط إليه ، فصار في كف يده –عمن يقتله( {[15668]} )- بمنزلة من يريده( {[15669]} ) ، فهو( {[15670]} ) مجاز على هذا( {[15671]} ) ، وهو قول المبرد( {[15672]} ) .

وقيل : هو حقيقة ، لأنه لما قال ( لِأَقْتُلَكَ ) ، استوجب النار بما تقدم في علم الله عز وجل أنه سيفعل ، فعلى( {[15673]} ) المؤمن أن( {[15674]} ) يريد ما أراد الله( {[15675]} ) .

وقال ابن كيسان : إنما وقعت الإرادة بعدما بسط يده بالقتل( {[15676]} ) .

وقيل : المعنى : بإثم( {[15677]} ) قتلي إن قتلتني( {[15678]} ) . وقيل : المعنى : إذا قتلتني أردت ذلك " لك " ( {[15679]} ) ، لأنه إرادة( {[15680]} ) الله للقاتل( {[15681]} ) .

ومعنى ( بِإِثْمِي ) أي : بإثم قتلي ، ومعنى ( وَإِثْمِكَ ) ( أي وإثمك )( {[15682]} ) الذي من أجله لم يُتقبّل منك( {[15683]} ) ، وهو قول مجاهد( {[15684]} ) . وقيل : معناه : بإثم قتلي وإثم اعتدائك عليَّ ، لأنه يأثم في الاعتداء وإنْ لم يقتل( {[15685]} ) .

وقيل : المعنى : ( بِإِثْمِي )( {[15686]} ) الذي كان يلحقني لو بسطتُ يدي إليك ، وإثمك في تحمّلك قتلي( {[15687]} ) . وعن ابن عباس : بإثم قتلي وإثم معاصيك المتقدمة لك( {[15688]} ) .

وقال إبراهيم بن عرفة( {[15689]} ) : ( أراده عن( {[15690]} ) ) غير محبة ولا شهوة( {[15691]} ) ، لأنّه لمّا لم يكن بُدٌّ من أن يكون قاتلاً أو مقتولاً ، اختار –عن ضرورة وعن غير محبة لذلك- أن يُقتل ، كما تقول للرجل –يحاول ظلمك- : " أريد أن أَفدي نفسي منك " وأنت لا تحب ذلك ، ولكن الضرورة ألجأتك إلى هذه الإرادة( {[15692]} ) .

( و )( {[15693]} ) قوله : ( وَذَلِكَ جَزَاؤُ الظَّالِمِينَ ) قيل : هو ( من )( {[15694]} ) قول المقتول( {[15695]} ) . وقيل : هو إخبار من الله لنا( {[15696]} ) . وهذا( {[15697]} ) يدل على أن الله عز وجل قد كان أمر آدم ونهاه وولده " ووعدهم " ( {[15698]} ) وأوعدهم( {[15699]} ) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما مِن نَفْسٍ تُقْتَلُ ظُلْماً إِلاَّ على( {[15700]} ) ابنِ آدَمَ الأولِ كِفلٌ منها ، ذلك( {[15701]} ) بأنه أوَلُ مَن سَنَّ القتل( {[15702]} ) .

ومعنى ( تَبَوَّأَ ) أي : تحمل وتلزم وتنصرف به( {[15703]} ) .


[15665]:- فتح ياءها نافع في السبعة 250.
[15666]:- ب ج د: بإثمي وإثمك.
[15667]:- ب: بنبوأ. د: يتوء.
[15668]:- ب ج د: قتله.
[15669]:- ب: لم يريده. ج د: يدت.
[15670]:- ج: فهي.
[15671]:- انظر: إعراب النحاس 1/492.
[15672]:- انظر: الكامل 2/232.
[15673]:- الظاهر من الخرم في "أ" أنها كما أثبت. ب ج د: فعل.
[15674]:- ج: من أن.
[15675]:- انظر: إعراب النحاس 1/492.
[15676]:- انظر: أحكام القرطبي 6/137.
[15677]:- ب: بإثمي.
[15678]:- جوزه النحاس في إعرابه 1/493.
[15679]:- ساقطة من ب ج د.
[15680]:- ب ج د: أراده.
[15681]:- قال في تفسير البحر 3/463: "وذهب قوم إلى أن الإرادة هنا حقيقة لا مجاز... وإذا جاز أن يريده الله تعالى جاز أن يريده العبد، لأنه لا يريد إلا ما هو حسن. قاله الزمخشري، وفيه دسيسة الاعتزال".
[15682]:- ساقطة من ج د.
[15683]:- هو قول الزجاج في معانيه 2/67.
[15684]:- هو قول ابن مسعود والسدي وقتادة والضحاك أيضاً في تفسير الطبري 10/215.
[15685]:- ب: يقبل. وهذا المعنى قول مجاهد أيضاً في تفسير الطبري 10/216 الذي خشي أن يكون غلطاً، لأن الصحيح ما ذُكِرَ قَبلُ، ولكن في تفسير مجاهد 306: "أي أريد أن يكون عليك خطيئتُك ودمي، فتبوء بِهِما".
[15686]:- د: باثم.
[15687]:- انظر: المحرر 5/79.
[15688]:- انظر: تفسير الطبري 10/215.
[15689]:- هو أبو بكر إبراهيم بن محمد بن عرفة، المعروف بنفطويه، إمام في النحو والفقه والحديث. توفي سنة 323هـ. انظر: طبقات الزبيدي 154، والغاية 1/25، ومعجم الأدباء 1/254، واجتماع الجيوش الإسلامية 104.
[15690]:- ب ج د: إرادته من.
[15691]:- ب: لشهوة. وهو في المحرر 5/79 من غير قائله.
[15692]:- انظر: المحرر 5/79، وتفسير البحر 2/463.
[15693]:- ساقطة من ب ج د.
[15694]:- انظر: المصدر السابق.
[15695]:- انظر: تفسير الطبري 10/218.
[15696]:- انظر: المحرر 5/79.
[15697]:- ج: شدا.
[15698]:- ساقطة من ب ج د.
[15699]:- انظر: تفسير الطبري 10/218.
[15700]:- انظر: تفسير الطبري 10/218: كان على.
[15701]:- ب ج د: وذلك.
[15702]:- انظر: تفسير الطبري 10/219، والقطع 286، وتفسير ابن كثير 2/47.
[15703]:- انظر: مجاز أبي عبيدة 1/161، والعمدة 121، وإعراب العكبري 432، وغريب القرآن 130.