ثم جمع الأوّلين والآخرين في حكم توفية العذاب لهم ، أو هو والثواب فقال : { وَإِنَّ كُلاًّ لَما لَيُوَفّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ } قرأ نافع وابن كثير وأبو بكر «وإن » بالتخفيف على أنها إن المخففة من الثقيلة وعملت في { كلا } النصب ، وقد جوّز عملها الخليل وسيبويه ، وقد جوّز البصريون تخفيف إنّ مع إعمالها ، وأنكر ذلك الكسائي وقال : ما أدري على أيّ شيء قرئ { وإن كلا } ؟ وزعم الفراء أن انتصاب كلاّ بقوله : ليوفينهم ، والتقدير : وإن ليوفينهم كلا ، وأنكر ذلك عليه جميع النحويين .
وقرأ الباقون بتشديد { إن } ونصبوا بها كلا . وعلى كلا القراءتين فالتنوين في { كلا } عوض عن المضاف إليه : أي وإن كل المختلفين . وقرأ عاصم وحمزة وابن عامر { لما } بالتشديد ، وخففها الباقون . قال الزجاج : لام لما لام إن ، و ما زائدة مؤكدة ، وقال الفراء : ما بمعنى من كقوله : { وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَيُبَطئَنَّ } أي : وإن كلاً لمن ليوفينهم ! وقيل : ليست بزائدة بل هي اسم دخلت عليها لام التوكيد ، والتقدير : وإن كلاً لمن خلق . قيل : وهي مركبة ، وأصلها لمن ما ، فقلبت النون ميماً واجتمعت ثلاث ميمات ، فحذفت الوسطى حكي ذلك النحاس عن النحويين . وزيف الزجاج هذا وقال : من اسم على حرفين فلا يجوز حذف النون . وذهب بعض النحويين إلى أن لما هذه بمعنى إلا ، ومنه قوله تعالى : { إِن كُلُّ نَفْسٍ لَمَا عَلَيْهَا حَافِظ } وقال المازني : الأصل لما المخففة ثم ثقلت . قال الزجاج : وهذا خطأ ، إنما يخفف المثقل ولا يثقل المخفف . وقال أبو عبيد القاسم بن سلام : يجوز أن يكون التشديد من قولهم : لممت الشيء ألمه : إذا جمعته ، ثم بنى منه فعلى كما قرئ : { ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى } وأحسن هذه الأقوال أنها بمعنى إلا الاستثنائية . وقد روي ذلك عن الخليل ، وسيبويه ، وجميع البصريين ، ورجحه الزجاج ويؤيده أن في حرف أبيّ «وإن كلا إلا ليوفينهم » كما حكاه أبو حاتم عنه . وقرئ بالتنوين : أي جميعاً . وقرأ الأعمش «وإن كل لما » بتخفيف إن ورفع كل وتشديد لما ، وتكون إن على هذه القراءة نافية { إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ } أيها المختلفون { خَبِير } لا يخفى عليه منه شيء ، والجملة تعليل لما قبلها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.