ثم لما بين لرسوله الله صلى الله عليه وسلم ما أنعم به عليه من هذه النعمة الدينية نفره عن اللذات العاجلة الزائلة فقال : { لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا منْهُمْ } أي : لا تطمح ببصرك إلى زخارف الدنيا طموح رغبة فيها وتمنّ لها ، والأزواج : الأصناف ، قاله ابن قتيبة . وقال الجوهري : الأزواج : القرناء . قال الواحدي : إنما يكون ماداً عينيه إلى الشيء : إذا أدام النظر نحوه . وإدامة النظر إليه تدل على استحسانه وتمنيه . وقال بعضهم : معنى الآية لا تحسدنّ أحداً على ما أوتي من الدنيا ، وردّ بأن الحسد منهي عنه مطلقاً ، وإنما قال في هذه السورة لا تمدنّ بغير واو ، لأنه لم يسبقه طلب بخلاف ما في سورة طه ، ثم لما نهاه عن الالتفات إلى أموالهم وأمتعتهم نهاه عن الالتفات إليهم فقال : { وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ } حيث لم يؤمنوا ، وصمموا على الكفر والعناد . وقيل : المعنى لا تحزن على ما متعوا به في الدنيا ، فلك الآخرة . والأول أولى . ثم لما نهاه عن أن يمد عينيه إلى أموال الكفار ولا يحزن عليهم ، وكان ذلك يستلزم التهاون بهم وبما معهم ، أمره أن يتواضع للمؤمنين ، فقال : { واخفض جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } وخفض الجناح كناية عن التواضع ولين الجانب ، ومنه قوله سبحانه : { واخفض لَهُمَا جَنَاحَ الذل } [ الإسراء : 24 ] ، وقول الكميت :
خفضت لهم مني جناحي مودة *** إلى كنف عطفاه أهل ومرحب
وأصله أن الطائر إذا ضم فرخه إلى نفسه ، بسط جناحه ، ثم قبضه على الفرخ ، فجعل ذلك وصفاً لتواضع الإنسان لأتباعه . ويقال : فلان خافض الجناح ، أي : وقور ساكن ، والجناحان من ابن آدم جانباه ، ومنه : { واضمم يَدَكَ إلى جَنَاحِكَ } [ طه : 22 ] ومنه قول الشاعر :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.