فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (64)

ثم ذكر سبحانه أنه ما هلك من هلك إلاّ بعد إقامة الحجة عليهم وإزاحة العلة منهم ، فقال : { وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الكتاب إِلاَّ لِتُبَيّنَ لَهُمُ الذي اختلفوا فِيهِ } وهذا خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمراد بالكتاب : القرآن ، والاستثناء مفرّغ من أعمّ الأحوال أي : ما أنزلناه عليك لحال من الأحوال ، ولا لعلة من العلل إلاّ لعلة التبيين لهم ، أي : للناس الذي اختلفوا فيه من التوحيد ، وأحوال البعث ، وسائر الأحكام الشرعية ، { و }انتصاب { هُدًى وَرَحْمَةً } على أنهما مفعول لهما معطوفان على محل لتبين . ولا حاجة إلى اللام ، لأنهما فعلاً فاعل الفعل المعلل ، بخلاف التبيين ، فإنه فعل المخاطب ، لا فعل المنزل { لقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } بالله سبحانه ، ويصدّقون ما جاءت به الرسل ونزلت به الكتب .

/خ69