فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِذَا رَءَا ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ شُرَكَآءَهُمۡ قَالُواْ رَبَّنَا هَـٰٓؤُلَآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدۡعُواْ مِن دُونِكَۖ فَأَلۡقَوۡاْ إِلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلَ إِنَّكُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (86)

{ وَإِذَا رَأى الذين أَشْرَكُوا شُرَكَاءهُمْ } أي : أصنامهم وأوثانهم التي عبدوها ، لما تقرّر من أنهم يبعثون مع المشركين ليقال لهم ( من كان يعبد شيئاً فليتبعه ) ، كما ثبت في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم . { قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلاء شُرَكَاؤُنَا الذين كُنَّا نَدْعُوا مِن دُونِكَ } أي : الذين كنا نعبدهم من دونك . قال أبو مسلم الأصفهاني : مقصود المشركين بهذا القول إحالة الذنب على تلك الأصنام تعللاً بذلك ، واسترواحاً ، مع كونهم يعلمون أن العذاب واقع بهم لا محالة ، ولكن الغريق يتعلق بكل ما تقع يده عليه . { فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ القول } أي : ألقى أولئك الأصنام والأوثان والشياطين ونحوهم إلى المشركين القول { إِنَّكُمْ لكاذبون } أي قالوا لهم : إنكم أيها المشركون لكاذبون فيما تزعمون من إحالة الذنب علينا الذي هو مقصودكم من هذا القول . فإن قيل : إن المشركين أشاروا إلى الأصنام ونحوها أن هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك ، وقد كانوا صادقين في ذلك ، فكيف كذبتهم الأصنام ونحوها ؟ فالجواب بأن مرادهم من قولهم { هؤلاء شركاؤنا } هؤلاء شركاء الله في المعبودية ، فكذبتهم الأصنام في دعوى هذه الشركة ؛ والأصنام والأوثان وإن كانت لا تقدر على النطق ، فإن الله سبحانه ينطقها في تلك الحال ، لتخجيل المشركين وتوبيخهم ، وهذا كما قالت الملائكة { بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الجن } [ سبأ : 41 ] . يعنون : أن الجنّ هم الذين كانوا راضين بعبادتهم لهم .

/خ90