غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَإِذَا رَءَا ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ شُرَكَآءَهُمۡ قَالُواْ رَبَّنَا هَـٰٓؤُلَآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدۡعُواْ مِن دُونِكَۖ فَأَلۡقَوۡاْ إِلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلَ إِنَّكُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (86)

84

{ وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم } ، وهي الأصنام أو الشياطين الذين دعوا الكفار إلى الكفر ، وكانوا قرناءهم في الغي . قاله الحسن . { قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا } ، أي : نعبدهم من دونك . قال أبو مسلم الأصبهاني : مقصود المشركين : إحالة هذا الذنب على تلك الأصنام ، ظناً منهم أن ذلك ينجيهم من عذاب الله أو ينقص منه ، وزيفه القاضي بأن الكفار يعلمون في الآخرة علماً ضرورياً أن العذاب ينزل بهم ، ولا نصرة ولا شفاعة ، فما الفائدة في هذا القول ؟ والإنصاف : أن الغريق يتعلق بكل شيء ، والمبهوت قد يقول ما لا فائدة فيه ، على أن العلم الضروري الذي ادعاه القاضي ممنوع . وقيل : إن المشركين يقولون هذا الكلام تعجباً من حضور تلك الأصنام مع أنه لا ذنب لها ، واعترافاً بأنهم كانوا خاطئين في عبادتها . { فألقوا إليهم القول } ، أي : قال الأصنام أو الشياطين للكفار : { إنكم لكاذبون } ، فإن قيل : إن المشركين أشاروا إلى الأصنام أن هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوهم من دونك ، وقد كانوا صادقين في ذلك ، فكيف كذبتهم الأصنام ؟ فالجواب أن المراد من قولهم : { هؤلاء شركاؤنا } ، هؤلاء شركاء الله في المعبودية ، فكذبتهم الأصنام في إثبات هذه الشركة ، وفي قولهم : إنها تستحق العبادة . قال جار الله : إن أراد بالشركاء الشياطين ، جاز أن يكونوا كاذبين في قوله : { إنكم لكاذبون } ، كما يقول الشيطان : { إني كفرت بما أشركتموني من قبل } [ إبراهيم : 22 ] .

/خ100