السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِذَا رَءَا ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ شُرَكَآءَهُمۡ قَالُواْ رَبَّنَا هَـٰٓؤُلَآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدۡعُواْ مِن دُونِكَۖ فَأَلۡقَوۡاْ إِلَيۡهِمُ ٱلۡقَوۡلَ إِنَّكُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (86)

ولما بين تعالى حاصل أمرهم في البعث وما بعده ، وكان من أهمّ المهمّ أمرهم في الموقف مع شركائهم ، الذين كانوا يرجونهم ، عطف على ذلك بقوله تعالى : { وإذا رأى } ، أي : بالعين ، يوم القيامة ، { الذين أشركوا شركاءهم } ، أي : الآلهة التي كانوا يدعونها شركاء ، من الشياطين وغيرها ، { قالوا ربنا } ، أي : يا من أحسن إلينا وربانا ، { هؤلاء شركاؤنا } ، أضافوهم إلى أنفسهم ؛ لأنه لا حقيقة لشركتهم سوى تسميتهم لها الموجبة لضرّهم ، ثم بينوا المراد بقولهم : { الذين كنا ندعوا } ، أي : نعبدهم ، { من دونك } ؛ ليقرّبونا إليك ، فأكرمنا لأجلهم جرياً على مناهجهم في الدنيا في الجهل والغباوة ، فخاف شركاؤهم من عواقب هذا القول والإقرار عليه سطوات الغضب ، { فألقوا } ، أي : الشركاء ، { إليهم } ، أي : المشركين ، { القول } ، أي : بادروا به ، حتى كان إسراعهم إليه إسراع شيء ثقيل يلقى من علو ، وأكدوا قولهم فقالوا : { إنكم لكاذبون } ، في جعلنا شركاء ، أو أنكم عبدتمونا حقيقة ، وإنما عبدتم أهواءكم كقوله تعالى : { كلا سيكفرون بعبادتهم } [ مريم ، 82 ] ، ولا يبعد أن تنطق الأصنام بذلك يومئذ ، في أنهم حملوهم على الكفر وألزموهم إياه كقوله : { وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي } [ إبراهيم ، 22 ] .