ثم لما نهاهم سبحانه عن نقض مطلق الأيمان ، نهاهم عن نقض أيمان مخصوصة ، فقال : { وَلاَ تَتَّخِذُوا أيمانكم دَخَلاً بَيْنَكُمْ } وهي أيمان البيعة . قال الواحدي : قال المفسرون : وهذا في نهي الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نقض العهد على الإسلام ونصرة الدين . واستدلوا على هذا التخصيص بما في قوله : { فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا } من المبالغة ، وبما في قوله : { وَتَذُوقُوا السوء بِمَا صَدَدتمْ } لأنهم إذا نقضوا العهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صدّوا غيرهم عن الدخول في الإسلام .
وعلى تسليم أن هذه الأيمان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هي سبب نزول هذه الآية ، فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب . وقال جماعة من المفسرين : إن هذا تكرير لما قبله ، لقصد التأكيد والتقرير . ومعنى { فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا } فتزلّ قدم من اتخذ يمينه دخلاً عن محجة الحق { بعد ثبوتها } عليها ورسوخها فيها . قيل : وأفرد القدم للإيذان بأن زلل قدم واحد ، أيّ قدم كانت عزّت أو هانت محذور عظيم ، فكيف بأقدام كثيرة ؟ وهذا استعارة للمستقيم الحال ، يقع في شرّ عظيم ويسقط فيه ، لأن القدم إذا زلت ، نقلت الإنسان من حال خير إلى حال شرّ . ويقال لمن أخطأ في شيء : زلت به قدمه ، ومنه قول الشاعر :
تداركتما عبساً وقد ثلّ عرشها *** وذبيان قد زلت بأقدامها النعل
{ وَتَذُوقُوا السوء بِمَا صَدَدتُمْ } أي : تذوقوا العذاب السيئ في الدنيا أو في الآخرة ، أو فيهما بما صددتم { عَن سَبِيلِ الله } أي : بسبب صدودكم أنتم عن سبيل الله ، وهو الإسلام ، أو بسبب صدّكم لغيركم عن الإسلام ، فإن من نقض البيعة وارتدّ ، اقتدى به غيره في ذلك ، فكان فعله سنّة سيئة عليه وزرها ووزر من عمل بها ولهذا قال : { وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } أي : متبالغ في العظم ، وهو عذاب الآخرة إن كان المراد بما قبله عذاب الدنيا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.