فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِذٗا لَّأَذَقۡنَٰكَ ضِعۡفَ ٱلۡحَيَوٰةِ وَضِعۡفَ ٱلۡمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيۡنَا نَصِيرٗا} (75)

ثم توعده سبحانه في ذلك أشدّ الوعيد فقال : { إِذًا لأذقناك ضِعْفَ الحياة وَضِعْفَ الممات } أي : لو قاربت أن تركن إليهم ، أي : مثلي ما يعذب به غيرك ممن يفعل هذا الفعل في الدارين ، والمعنى : عذاباً ضعفاً في الحياة وعذاباً ضعفاً في الممات أي : مضاعفاً ، ثم حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه وأضيفت ، وذلك لأن خطأ العظيم عظيم كما قال سبحانه : { يا نساء النبي مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بفاحشة مُبَيّنَةٍ يُضَاعفْ لَهَا العذاب ضِعْفَيْنِ } [ الأحزاب : 30 ] . وضعف الشيء : مثلاه ، وقد يكون الضعف النصيب كقوله : { لِكُلّ ضِعْفٌ } [ الأعراف : 38 ] أي : نصيب . قال الرازي : حاصل الكلام أنك لو مكنت خواطر الشيطان من قلبك وعقدت على الركون همك لاستحققت تضعيف العذاب عليك في الدنيا والآخرة ولصار عذابك مثلي عذاب المشرك في الدنيا ومثلي عذابه في الآخرة { ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا } ينصرك فيدفع عنك هذا العذاب . قال النيسابوري : اعلم أن القرب من الفتنة لا يدل على الوقوع فيها ، والتهديد على المعصية لا يدلّ على الإقدام عليها ، فلا يلزم من الآية طعن في العصمة .

/خ77