قوله : { يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بإمامهم } قال الزجاج : يعني يوم القيامة ، وهو منصوب على معنى أذكر يوم ندعوا . وقرئ : ( يدعو ) بالياء التحتية على البناء للفاعل و( يدعى ) على البناء للمفعول ، والباء في { بإمامهم } للإلصاق كما تقول : أدعوك باسمك ، ويجوز أن تكون متعلقة بمحذوف هو حال ، والتقدير : ندعو كل أناس متلبسين بإمامهم ، أي : يدعون وإمامهم فيهم نحو ركب بجنوده ، والأوّل أولى . والإمام في اللغة كل ما يؤتمّ به من نبيّ أو مقدّم في الدين أو كتاب .
وقد اختلف المفسرون في تعيين الإمام الذي تدعى كل أناس به ، فقال ابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك إنه كتاب كلّ إنسان الذي فيه عمله أي : يدّعي كل إنسان بكتاب عمله ، ويؤيد هذا قوله : { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كتابه } [ الحاقة : 19 ] . الآية ، وقال ابن زيد : الإمام هو الكتاب المنزل عليهم فيدعى أهل التوراة بالتوراة ، وأهل الإنجيل بالإنجيل ، وأهل القرآن بالقرآن ، فيقال : يا أهل التوراة ، يا أهل الإنجيل ، يا أهل القرآن . وقال مجاهد وقتادة : إمامهم : نبيهم فيقال : هاتوا متبعي إبراهيم ، هاتوا متبعي موسى ، هاتوا متبعي عيسى ، هاتوا متبعي محمد ، وبه قال الزجاج . وقال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ؛ المراد بالإمام إمام عصرهم ، فيدعى أهل كل عصر بإمامهم الذي كانوا يأتمرون بأمره وينتهون بنهيه . وقال الحسن وأبو العالية : المراد { بإمامهم } : أعمالهم ، فيقال مثلاً : أين المجاهدون ، أين الصابرون ، أين الصائمون ، أين المصلون ؟ ونحو ذلك . وروي عن ابن عباس وأبي هريرة . وقال أبو عبيدة ، المراد بإمامهم صاحب مذهبهم ، فيقال مثلاً : أين التابعون للعالم فلان بن فلان ، وهذا من البعد بمكان . وقال محمد بن كعب : { بإمامهم } : بأمهاتهم ، على أن إمام جمع أمّ كخف وخفاف ، وهذا بعيد جدّاً . وقيل : الإمام : هو كل خلق يظهر من الإنسان حسن كالعلم والكرم والشجاعة ، أو قبيح كأضدادها ، فالداعي إلى تلك الأفعال خلق باطن هو كالإمام ، ذكر معناه الرازي في تفسيره { فَمَنْ أُوتَِي كتابه بِيَمِينِهِ } من أولئك المدعوّين ، وتخصيص اليمين بالذكر للتشريف والتبشير { فَأُوْلَئِكَ } الإشارة إلى «من » باعتبار معناه . قيل : ووجه الجمع الإشارة إلى أنهم مجتمعون على شأن جليل ، أو الإشعار بأن قراءتهم لكتبهم تكون على وجه الاجتماع لا على وجه الانفراد { يَقْرَأونَ كتابهم } الذي أوتوه { وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } أي : لا ينقصون من أجورهم قدر فتيل ، وهو القشرة التي في شق النواة ، أو هو عبارة عن أقلّ شيء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.