ولم يذكر أصحاب الشمال تصريحاً ؛ ولكنه ذكر سبحانه ما يدلّ على حالهم القبيح فقال : { وَمَن كَانَ فِي هذه أعمى } أي : من كان من المدعوّين في هذه الدنيا أعمى أي : فاقد البصيرة . قال النيسابوري : لا خلاف أن المراد بهذا العمى عمى القلب ، وأما قوله : { فَهُوَ فِي الآخرة أعمى } فيحتمل أن يراد به : عمى البصر كقوله : { وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القيامة أعمى * قَالَ رَبّ لِمَ حَشَرْتَنِي أعمى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً } [ طه : 124 125 ] وفي هذا زيادة العقوبة ، ويحتمل أن يراد عمى القلب ؛ وقيل : المراد بالآخرة : عمل الآخرة ، أي : فهو في عمل ، أو في أمر الآخرة أعمى ؛ وقيل : المراد : من عمي عن النعم التي أنعم الله بها عليه في الدنيا فهو عن نعم الآخرة أعمى ؛ وقيل : من كان في الدنيا التي تقبل فيها التوبة أعمى فهو في الآخرة التي لا توبة فيها أعمى ؛ وقيل : من كان في الدنيا أعمى عن حجج الله فهو في الآخرة أعمى ، وقد قيل : إن قوله : { فَهُوَ فِي الآخرة أعمى } أفعل تفضيل ، أي : أشدّ عمى ، وهذا مبنيّ على أنه من عمى القلب ، إذ لا يقال ذلك في عمى العين . قال الخليل وسيبويه : لأنه خلقه بمنزلة اليد والرجل ، فلا يقال ما أعماه كما لا يقال : ما أيداه . وقال الأخفش : لا يقال فيه ذلك لأنه أكثر من ثلاثة أحرف . وقد حكى الفراء عن بعض العرب أنه سمعه يقول : ما أسود شعره ، ومن ذلك قول الشاعر :
أما الملوك فأنت اليوم ألأمهم *** لؤما وأبيضهم سربال طباخ
والبحث مستوفى في النحو . وقرأ أبو بكر ، وحمزة ، والكسائي ، وخلف . ( أعمى ) بالإمالة في الموضعين . وقرأهما أبو عمرو ويعقوب والباقون بغير إمالة ، وأمال أبو عبيد الأوّل دون الثاني { وَأَضَلُّ سَبِيلاً } يعني : أن هذا أضلّ سبيلاً من الأعمى لكونه لا يجد طريقاً إلى الهداية ، بخلاف الأعمى فقد يهتدي في بعض الأحوال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.