فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ يُدَٰفِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٖ كَفُورٍ} (38)

قرأ أبو عمرو وابن كثير : «يدفع » وقرأ الباقون : { يدافع } وصيغة المفاعلة هنا مجرّدة عن معناها الأصلي ، وهو وقوع الفعل من الجانبين كما تدلّ عليه القراءة الأخرى . وقد ترد هذه الصيغة ولا يراد بها معناها الأصلي كثيراً مثل : عاقبت اللصّ ونحو ذلك ، وقد قدّمنا تحقيقه . وقيل : إن إيراد هذه الصيغة هنا للمبالغة . وقيل : للدلالة على تكرر الواقع . والمعنى : يدافع عن المؤمنين غوائل المشركين . وقيل : يعلي حجتهم . وقيل : يوفقهم . والجملة مستأنفة لبيان هذه المزية الحاصلة للمؤمنين من ربّ العالمين ، وأنه المتولي للمدافعة عنهم ، وجملة : { إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ } مقرّرة لمضمون الجملة الأولى ، فإن المدافعة من الله لهم عن عباده المؤمنين مشعرة أتمّ إشعار بأنهم مبغضون إلى الله غير محبوبين له . قال الزجاج : من ذكر غير اسم الله وتقرّب إلى الأصنام بذبيحته فهو خوّان كفور ، وإيراد صيغتي المبالغة للدلالة على أنهم كذلك في الواقع لا لإخراج من خان دون خيانتهم ، أو كفر دون كفرهم .

/خ41