فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَقَالَ ٱلۡمَلَؤُاْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ مَا هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيۡكُمۡ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَـٰٓئِكَةٗ مَّا سَمِعۡنَا بِهَٰذَا فِيٓ ءَابَآئِنَا ٱلۡأَوَّلِينَ} (24)

{ فَقَالَ الملأ الذين كَفَرُوا مِن قوْمِهِ } أي قال أشراف قومه الذين كفروا به : { مَا هذا إِلاَّ بَشَرٌ مثْلُكُمْ } أي من جنسكم في البشرية ، لا فرق بينكم وبينه { يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ } أي يطلب الفضل عليكم بأن يسودكم حتى تكونوا تابعين له منقادين لأمره ، ثم صرّحوا بأن البشر لا يكون رسولاً فقالوا : { وَلَوْ شَاء الله لأنزَلَ ملائكة } أي لو شاء الله إرسال رسول لأرسل ملائكة ، وإنما عبر بالإنزال عن الإرسال ؛ لأن إرسالهم إلى العباد يستلزم نزولهم إليهم { مَا سمعنا بهذا في آبائنا الأولين } أي بمثل دعوى هذا المدّعي للنبوّة من البشر ، أو بمثل كلامه ، وهو الأمر بعبادة الله وحده أو ما سمعنا ببشر يدّعي هذه الدعوى في آبائنا الأوّلين ، أي في الأمم الماضية قبل هذا . وقيل : الباء في : { بهذا } زائدة ، أي ما سمعنا هذا كائناً في الماضين ، قالوا : هذا اعتماداً منهم على التقليد واعتصاماً بحبله . ولم يقنعوا بذلك حتى ضموا إليه الكذب البحت ، والبهت الصراح فقالوا : { إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ }

/خ41