فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱلَّذِينَ لَا يَدۡعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقۡتُلُونَ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَلَا يَزۡنُونَۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ يَلۡقَ أَثَامٗا} (68)

قوله { والذين لاَ يَدْعُونَ مَعَ الله إلها َآخَرَ } لما فرغ من ذكر إتيانهم بالطاعات شرع في بيان اجتنابهم للمعاصي ، فقال : والذي لا يدعون مع الله سبحانه رباً من الأرباب . والمعنى : لا يشركون به شيئاً ، بل يوحدونه ، ويخلصون له العبادة والدعوة { وَلاَ يَقْتُلُونَ النفس التى حَرَّمَ الله } أي حرّم قتلها { إِلاَّ بالحق } أي بما يحقّ أن تقتل به النفوس من كفر بعد إيمان ، أو زنا بعد إحصان ، أو قتل نفس بغير نفس { وَلاَ يَزْنُونَ } أي يستحلون الفروج المحرّمة بغير نكاح ، ولا ملك يمين { وَمَن يَفْعَلْ ذلك } أي شيئاً مما ذكر { يَلْقَ } في الآخرة { أَثَاماً } والأثام في كلام العرب العقاب . قال الفراء : آثمه الله يؤثمه أثاماً وآثاماً : أي جازاه جزاء الإثم . وقال عكرمة ومجاهد : إن أثاماً وادٍ في جهنم جعله الله عقاباً للكفرة . وقال السديّ : جبل فيها . وقرىء «يلق » بضم الياء ، وتشديد القاف . قال أبو مسلم : والأثام والإثم واحد ، والمراد هنا جزاء الآثام ، فأطلق اسم الشيء على جزائه . وقرأ الحسن «يلق أياماً » جمع يوم : يعني شدائد ، والعرب تعبر عن ذلك بالأيام ، وما أظنّ هذه القراءة تصح عنه .

/خ77