قوله : { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ } هذا كلام مستأنف يتضمن بيان حال هذه الأمة في الفضل على غيرها من الأمم ، و «كان » قيل : هي التامة ، أي : وجدتم ، وخلقتم خير أمة ، ومثله ما أنشده سيبويه :
وَجِيرانٍ لَنا كَانُوا كرام *** . . .
ومنه قوله تعالى { كَيْفَ نُكَلّمُ مَن كَانَ فِي المهد صَبِيّاً } [ مريم : 29 ] وقوله : { واذكروا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ } [ الأعراف : 86 ] . وقال الأخفش : يريد أهل أمة : أي خير أهل دين ، وأنشد :
حلفتُ فلم أتْركْ لِنَفْسِك رِيبةً *** وَهَلْ يْأثَمَنْ ذُو أمَّةٍ وَهُو طَائِعَ
وقيل : معناه : كنتم في اللوح المحفوظ ، وقيل : كنتم منذ آمنتم . وفيه دليل على أن هذه الأمة الإسلامية خير الأمم على الإطلاق ، وأن هذه الخيرية مشتركة ما بين أول هذه الأمة ، وآخرها بالنسبة إلى غيرها من الأمم ، وإن كانت متفاضلة في ذات بينها . كما ورد في فضل الصحابة على غيرهم . قوله : { أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } أي : أظهرت لهم . وقوله : { تَأْمُرُونَ بالمعروف } الخ كلام مستأنف يتضمن بيان كونهم خير أمة مع ما يشتمل عليه من أنهم خير أمة ما أقاموا على ذلك ، واتصفوا به ، فإذا تركوا الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر زال عنهم ذلك ، ولهذا قال مجاهد : إنهم خير أمة على الشرائط المذكورة في الآية ، وهذا يقتضي أن يكون تأمرون ، وما بعده في محل نصب على الحال أي : كنتم خير أمة حال كونكم آمرين ناهين مؤمنين بالله ، وبما يجب عليكم الإيمان به من كتابه ، ورسوله ، وما شرعه لعباده ، فإنه لا يتم الإيمان بالله سبحانه إلا بالإيمان بهذه الأمور . قوله : { وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الكتاب } أي : اليهود إيماناً كإيمان المسلمين بالله ، ورسله وكتبه : { لَكَانَ خَيْراً لهُمْ } ولكنهم لم يفعلوا ذلك ؛ بل قالوا : نؤمن ببعض الكتاب ، ونكفر ببعض ، ثم بين حال أهل الكتاب بقوله : { منْهُمُ المؤمنون } وهم الذين آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ، فإنهم آمنوا بما أنزل عليه ، وما أنزل من قبله : { وَأَكْثَرُهُم الفاسقون } أي : الخارجون عن طريق الحق المتمردون في باطلهم المكذبون لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولما جاء به ، فيكون هذا التفصيل على هذا كلاماً مستأنفاً جواباً ، عن سؤال مقدر ، كأنه قيل : هل منهم من آمن فاستحق ما وعده الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.