فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ} (3)

قوله : { نَزَّلَ عَلَيْكَ الكتاب } أي : القرآن ، وقدم الظرف على المفعول به للاعتناء بالمنزل عليه صلى الله عليه وسلم وهي : إما جملة مستأنفة ، أو خبر آخر للمبتدأ الأوّل . قوله : { بالحق } أي : بالصدق ، وقيل : بالحجة الغالبة ، وهو في محل نصب على الحال . وقوله : { مُصَدّقاً } حال آخر من الكتاب مؤكدة ؛ لأنه لا يكون إلا مصدقاً ، فلا تكون الحال منتقلة أصلاً ، وبهذا قال الجمهور ، وجوّز بعضهم الانتقال على معنى أنه مصدق لنفسه ولغيره . وقوله : { لمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } أي : من الكتب المنزلة ، وهو متعلق بقوله : { مصدقاً } ، واللام للتقوية . قوله : { وَأَنزَلَ التوراة والإنجيل } هذه الجملة في حكم البيان لقوله : لما بين يديه . وإنما قال هنا { أنزل } ، وفيما تقدّم { نزّل } : لأن القرآن نزل منجماً ، والكتابان نزلا دفعة واحدة ، ولم يذكر في الكتابين من ينزلا عليه ، وذكر فيما تقدّم أن الكتاب نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأن القصد هنا ليس إلا إلى ذكر الكتابين لا ذكر من نزلا عليه .

/خ6