قوله : { وَلاَ تَتَمَنَّوْا } التمني نوع من الإرادة يتعلق بالمستقبل ، كالتلهف نوع منها يتعلق بالماضي ، وفيه النهي عن أن يتمنى الإنسان ما فضل الله به غيره من الناس عليه ، فإن ذلك نوع من عدم الرضا بالقسمة التي قسمها الله بين عباده على مقتضى إرادته ، وحكمته البالغة ، وفيه أيضاً نوع من الحسد المنهي عنه إذا صحبه إرادة زوال تلك النعمة عن الغير .
وقد اختلف العلماء في الغبطة هل تجوز أم لا ؟ وهي أن يتمنى أن يكون به حال مثل حال صاحبه من دون أن يتمنى زوال ذلك الحال عن صاحبه ، فذهب الجمهور إلى جواز ذلك ، واستدلوا بالحديث الصحيح : «لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله القرآن ، فهو يقوم به آناء الليل ، وآناء النهار ، ورجل آتاه الله مالاً ، فهو ينفقه آناء الليل ، وآناء النهار » وقد بوب عليه البخاري : «باب الاغتباط في العلم ، والحكم » وعموم لفظ الآية يقتضي تحريم تمني ما وقع به التفضيل سواء كان مصحوباً بما يصير به من جنس الحسد أم لا ، وما ورد في السنة من جواز ذلك في أمور معينة يكون مخصصاً لهذا العموم ، وسيأتي ذكر سبب نزول الآية ، ولكن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
وقوله : { للرّجَالِ نَصِيبٌ } الخ ، فيه تخصيص بعد التعميم ، ورجوع إلى ما يتضمنه سبب نزول الآية من أن أمّ سلمة قالت : يا رسول الله يغزو الرجال ، ولا نغزي ، ولا نقاتل ، فنستشهد ، وإنما لنا نصف الميراث ، فنزلت . أخرجه عبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، والترمذي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم ، والبيهقي ، وقد روى نحو هذا السبب من طرق بألفاظ مختلفة . والمعنى في الآية : أن الله جعل لكل من الفريقين نصيباً على حسب ما تقتضيه إرادته وحكمته ، وعبر عن ذلك المجعول لكل فريق من فريقي النساء ، والرجال بالنصيب ، مما اكتسبوا ، على طريق الاستعارة التبعية شبه اقتضاء حال كل فريق لنصيبه باكتسابه إياه . قال قتادة : للرجال نصيب مما اكتسبوا من الثواب ، والعقاب ، وللنساء كذلك . وقال ابن عباس : المراد بذلك : الميراث والاكتساب على هذا القول بمعنى ما ذكرنا . قوله : { واسألوا الله مِن فَضْلِهِ } عطف على قوله : { وَلاَ تَتَمَنَّوْا } وتوسيط التعليل بقوله : { للرّجَالِ نَصِيبٌ } الخ . بين المعطوف ، والمعطوف عليه لتقرير ما تضمنه النهي ، وهذا الأمر يدل على وجوب سؤال الله سبحانه من فضله ، كما قاله جماعة من أهل العلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.