فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلِكُلّٖ جَعَلۡنَا مَوَٰلِيَ مِمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَۚ وَٱلَّذِينَ عَقَدَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡ فَـَٔاتُوهُمۡ نَصِيبَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدًا} (33)

قوله : { وَلِكُلٍ جَعَلْنَا موالي مِمَّا تَرَكَ الوالدان والأقربون } أي : جعلنا لكل إنسان ورثة موالي يلون ميراثه ، ف { لكل } مفعول ثان قدّم على الفعل لتأكيد الشمول ، وهذه الجملة مقررة لمضمون ما قبلها ، أي : ليتبع كل أحد ما قسم الله له من الميراث ، ولا يتمن ما فضل الله به غيره عليه .

وقد قيل : إن هذه الآية منسوخة بقوله بعدها : { والذين عاقدت أيمانكم } وقيل : العكس . كما روى ذلك ابن جرير . وذهب الجمهور إلى أن الناسخ لقوله { والذين عاقدت أيمانكم } قوله تعالى { وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض } [ الأنفال : 75 ] والموالى جمع مولى ، وهو : يطلق على المعتق ، والمعتق ، والناصر ، وابن العم ، والجار قيل : والمراد هنا : العصبة ، أي : ولكل جعلنا عصبة يرثون ما أبقت الفرائض . قوله : { والذين عاقدت أيمانكم } المراد بهم موالى الموالاة : كان الرجل من أهل الجاهلية يعاقد الرجل ، أي : يحالفه فيستحق من ميراثه نصيباً ، ثم ثبت في صدر الإسلام بهذه الآية ، ثم نسخ بقوله : { وَأُوْلُوا الأرحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ } [ الأنفال : 75 ] وقراءة الجمهور : { عاقدت } وروي عن حمزة أنه قرأ : «عقدت » بتشديد القاف على التكثير ، أي : والذين عقدت لهم أيمانكم الحلف ، أو عقدت عهودهم أيمانكم ، والتقدير على قراءة الجمهور : والذين عاقدتهم أيمانكم ، فآتوهم نصيبهم ، أي : ما جعلتموه لهم بعقد الحلف .

/خ34