قوله : { إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنهَوْنَ عَنْهُ نُكَفّرْ عَنْكُمْ سيئاتكم } أي : إن تجتنبوا كبائر الذنوب التي نهاكم الله عنها : { نُكَفّرْ عَنْكُمْ سيئاتكم } أي : ذنوبكم التي هي صغائر ، وحمل السيئات على الصغائر هنا متعين لذكر الكبائر قبلها ، وجعل اجتنابها شرطاً لتكفير السيئات . وقد اختلف أهل الأصول في تحقيق معنى الكبائر ، ثم في عددها ، فأما في تحقيقها ، فقيل : إن الذنوب كلها كبائر ، وإنما يقال لبعضها صغيرة بالإضافة إلى ما هو أكبر منها ، كما يقال : الزنا صغيرة بالإضافة إلى الكفر ، والقبلة المحرّمة صغيرة بالإضافة إلى الزنا ، وقد روي نحو هذا عن الإسفراييني ، والجويني ، والقشيري ، وغيرهم قالوا : والمراد بالكبائر التي يكون اجتنابها سبباً لتكفير السيئات هي : الشرك ، واستدلوا على ذلك بقراءة من قرأ : { إِن تَجْتَنِبُوا كبائر مَا تُنهَوْنَ عَنْهُ } وعلى قراءة الجمع ، فالمراد أجناس الكفر ، واستدلوا على ما قالوه بقوله تعالى : { إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء } [ النساء : 116 ] قالوا : فهذه الآية مقيدة لقوله : { إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنهَوْنَ عَنْهُ } وقال ابن عباس : الكبيرة كل ذنب ختمه الله بنار ، أو غضب ، أو لعنة ، أو عذاب . وقال ابن مسعود : الكبائر ما نهى الله عنه في هذه السورة إلى ثلاث وثلاثين آية . وقال سعيد بن جبير : كل ذنب نسبه الله إلى النار فهو كبيرة . وقال جماعة من أهل الأصول : الكبائر كل ذنب رتب الله عليه الحدّ ، أو صرح بالوعيد فيه . وقيل غير ذلك مما لا فائدة في التطويل بذكره . وأما الاختلاف في عددها ، فقيل : إنها سبع ، وقيل : سبعون ، وقيل : سبعمائة ، وقيل : غير منحصرة ، ولكن بعضها أكبر من بعض ، وسيأتي ما ورد في ذلك إن شاء الله . قوله : { وَنُدْخِلْكُمْ مدْخَلاً } أي : مكان دخول ، وهو الجنة : { كَرِيماً } أي : حسناً مرضياً ، وقد قرأ أبو عمرو ، وابن كثير ، وابن عامر ، والكوفيون { مدْخَلاً } بضم الميم . وقرأ أهل المدينة بفتح الميم ، وكلاهما اسم مكان ، ويجوز أن يكون مصدراً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.