فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظۡلِمُ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةٗ يُضَٰعِفۡهَا وَيُؤۡتِ مِن لَّدُنۡهُ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (40)

قوله : { إِنَّ الله لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } المثقال مفعال من الثقل ، كالمقدار من القدر ، وهو منتصب على أنه نعت لمفعول محذوف ، أي : لا يظلم شيئاً مثقال ذرة .

والذرّة واحدة الذرّ ، وهي : النمل الصغار . وقيل : رأس النملة . وقيل : الذرّة الخردلة . وقيل : كل جزء من أجزاء الهباء الذي يظهر فيما يدخل من الشمس من كوة أو غيرها ذرة . والأوّل هو المعنى اللغوي الذي يجب حمل القرآن عليه . والمراد من الكلام : أن الله لا يظلم كثيراً ، ولا قليلاً ، أي : لا يبخسهم من ثواب أعمالهم ، ولا يزيد في عقاب ذنوبهم وزن ذرّة فضلاً عما فوقها . قوله : { وَإِن تَكُ حَسَنَةً يضاعفها } قرأ أهل الحجاز : «حسنة » بالرفع . وقرأ من عداهم بالنصب ، والمعنى على القراءة الأولى : إن توجد حسنة ، على أنّ كان هي التامة لا الناقصة ، وعلى القراءة الثانية : إن تك فعلته حسنة يضاعفها ، وقيل : إن التقدير : إن تك مثقال الذرّة حسنة ، وأنث ضمير المثقال لكونه مضافاً إلى المؤنث ، والأوّل أولى . وقرأ الحسن : " نضاعفها " بالنون ، وقرأ الباقون بالياء ، وهي الأرجح لقوله : { وَيُؤْتِ مِن لدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } وقد تقدّم الكلام في المضاعفة ، والمراد : مضاعفة ثواب الحسنة .

/خ42