قوله : { ما أصابك مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ الله } هذا الخطاب إما لكل من يصلح له من الناس ، أو لرسول الله صلى الله عليه وسلم تعريضاً لأمته ، أي : ما أصابك من خصب ، ورخاء ، وصحة ، وسلامة ، فمن الله بفضله ، ورحمته ، وما أصابك من جهد ، وبلاء وشدّة ، فمن نفسك بذنب أتيته ، فعوقبت عليه . وقيل : إن هذا من كلام الذين لا يفقهون حديثاً ، أي : فيقولون ما أصابك من حسنة ، فمن الله . وقيل : إن ألف الاستفهام مضمرة ، أي : أفمن نفسك ، ومثله قوله تعالى : { وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَىَّ } [ الشعراء : 22 ] والمعنى ، أو تلك نعمة ، ومثله قوله : { فَلَمَّا رَأَى القمر بَازِغاً قَالَ هذا رَبّى } [ الأنعام : 77 ] أي : أهذا ربي ، ومنه قول أبي خراش الهذلي :
رموني وقالوا يا خويلد لم ترع *** فقلت وأنكرت الوجوه هم هم
أي : أهم هم ؟ وهذا خلاف الظاهر ، وقد ورد في الكتاب العزيز ما يفيد مفاد هذه الآية ، كقوله تعالى : { وَمَا أصابكم من مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَن كَثِيرٍ } [ الشورى : 30 ] ، وقوله : { أَوَ لَمَّا أصابتكم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أنى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ } [ آل عمران : 165 ] . وقد يظن أن قوله : { وَمَا أصابك مِن سَيّئَةٍ فَمِن نفْسِكَ } مناف لقوله : { قُلْ كُلٌّ منْ عِندِ الله } ولقوله : { وَمَا أصابكم يَوْمَ التقى الجمعان فَبِإِذْنِ الله } [ آل عمران : 166 ] ، وقوله : { وَنَبْلُوكُم بالشر والخير فِتْنَةً } [ الأنبياء : 35 ] وقوله : { وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مّن دُونِهِ مِن وَالٍ } [ الرعد : 11 ] وليس الأمر كذلك ، فالجمع ممكن ، كما هو مقرّر في مواطنه . قوله : { وأرسلناك لِلنَّاسِ رَسُولاً } فيه البيان لعموم رسالته صلى الله عليه وسلم إلى الجميع ، كما يفيده التأكيد بالمصدر ، والعموم في الناس ، ومثله قوله : { وَمَا أرسلناك إِلاَّ كَافَّةً للنَّاسِ } [ سبأ : 28 ] ، وقوله : { قُلْ يا أيها الناس إِنّى رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ جَمِيعًا } [ الأعراف : 158 ] { وكفى بالله شَهِيداً } [ الفتح : 28 ] على ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.