فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَدۡ جَآءَكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَنۡ أَبۡصَرَ فَلِنَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ عَمِيَ فَعَلَيۡهَاۚ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيۡكُم بِحَفِيظٖ} (104)

البصائر جمع بصيرة ، وهي في الأصل : نور القلب ، والمراد بها هنا الحجة البينة والبرهان الواضح . وهذا الكلام وارد على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولهذا قال في آخره : { وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ } ووصف البصائر بالمجيء تفخيماً لشأنها ، وجعلها بمنزلة الغائب المتوقع مجيئه ، كما يقال جاءت العافية ، وانصرف المرض ، وأقبلت السعود ، وأدبرت النحوس { فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ } أي فمن تعقل الحجة وعرفها وأذعن لها فنفع ذلك لنفسه ؛ لأنه ينجو بهذا الإبصار من عذاب النار { وَمَنْ عَمِىَ } عن الحجة ولم يتعقلها ولا أذعن لها ، فضرر ذلك على نفسه ؛ لأنه يتعرض لغضب الله في الدنيا ويكون مصيره النار { وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ } برقيب أحصي عليكم أعمالكم ، وإنما أنا رسول أبلغكم رسالات ربي وهو الحفيظ عليكم . قال الزجاج : نزل هذا قبل فرض القتال ثم أمر أن يمنعهم بالسيف من عبادة الأوثان .

/خ108