فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَسۡبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (64)

قوله : { يا أيها النبي حَسْبُكَ الله وَمَنِ اتبعك مِنَ المؤمنين } ليس هذا تكريراً لما قبله فإن الأوّل مقيد بإرادة الخدع { وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ الله } فهذه كفاية خاصة . وفي قوله : { يا أيها النبي حَسْبُكَ الله } كفاية عامة غير مقيّدة ، أي حسبك الله في كل حال ، والواو في قوله : { وَمَنِ اتبعك } يحتمل أن تكون للعطف على الاسم الشريف . والمعنى : حسبك الله وحسبك المؤمنون ، أي كافيك الله وكافيك المؤمنون ، ويحتمل أن تكون بمعنى مع كما تقول : حسبك وزيداً درهم ، والمعنى : كافيك وكافي المؤمنين الله ، لأن عطف الظاهر على المضمر في مثل هذه الصورة ممتنع كما تقرّر في علم النحو ، وأجازه الكوفيون . قال الفراء : ليس بكثير في كلامهم أن تقول حسبك وأخيك ، بل المستعمل أن يقال : حسبك وحسب أخيك بإعادة الجار ، فلو كان قوله : { وَمَنِ اتبعك } مجروراً لقيل : حسبك الله وحسب من اتبعك ، واختار النصب على المفعول معه النحاس ، وقيل يجوز أن يكون المعنى : ومن اتبعك من المؤمنين حسبهم الله فحذف الخبر .

/خ66