أولوا العزم : أولو العزم من الرسل خمسة : نوح ، إبراهيم ، موسى ، عيسى ، محمد صلى الله عليه وسلم ، نظمهم الشاعر في قوله :
أولو العزم نوح والخليل الممجد *** وموسى وعيسى والحبيب محمد
لم يلبثوا إلا ساعة : كأنهم حين يرون العذاب لم يمكثوا في الدنيا إلا وقتا يسيرا من نهار ، لشدة العذاب وطول مدته .
بلاغ : أي أن ما وعظوا به كفاية في الموعظة .
35- { فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون } .
تأتي هذه الآية في ختام السورة ، سورة الأحقاف المكية ، وفيها أدلة التوحيد والقصص ، وحديث عن إيمان الجن ، ومناقشة الكافرين ، ثم توجه الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تدعوه إلى الصبر والمصابرة ، كما صبر أولو العزم من الرسل ، وهم أصحاب العزائم والثبات ، الذين اجتهدوا في تبليغ الشريعة ، وتأسيسها وتقريرها ، وصبروا على تحمل مشاق الدعوة ، ومعاداة الطاعنين فيها .
1- نوح صبر على أذى قومه مدة طويلة .
4- ويعقوب صبر على فقد الولد وذهاب البصر .
5- ويوسف صبر على البئر والسجن .
وقال ابن عباس : كل الرسل كانوا أولي عزم ، أي : اصبر كما صبر الرسل .
وقيل : هم نجباء الرسل المذكورون في الآيات ( 83-87 ) من سورة الأنعام ، وهم ثمانية عشر :
إبراهيم ، وإسحاق ، ويعقوب ، ونوح ، وداود ، وسليمان ، وأيوب ، ويوسف ، وموسى ، وهارون ، وزكريا ، ويحيى ، وعيسى ، وإلياس ، وإسماعيل ، واليسع ، ويونس ، ولوط . 27
وأشهر الآراء أن أولي العزم من الرسل خمسة : نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، ومحمد صلى الله عليه وسلم .
وكم صبر محمد صلى الله عليه وسلم وصابر ، وتحمل في مكة والطائف ، وطريق الهجرة وأعمال المدينة ، وسائر الغزوات ، حتى لقي ربه راضيا مرضيا ، فالآية تثبيت لصبره ، وتأكيد ومؤازرة ، وأيضا تهديد للكفار ، وهذا معنى :
لا تتعجل وقوع العذاب بهم في الدنيا ، فإن لهم موعدا لن يفلتوا منه : { فارتقب إنهم مرتقبون } . ( الدخان : 59 ) .
وقال مقاتل : لا تدع عليهم في إحلال العذاب بهم ، فإن أبعد غاياتهم يوم القيامة .
{ كأنهم يوم يرون ما يوعدون . . . }
من العذاب في الآخرة ، لم يمكثوا في الدنيا أو في قبورهم إلا وقتا يسيرا ، لطول مدة عذاب الآخرة ، وامتداد عذابها أبد الآبدين ، ويزيد في طولها أنه لا أمل في النجاة ، ولا في الرجوع إلى الدنيا ، ولا في تخفيف العذاب .
{ بلاغ } . أي : بلغنا ، وقد أعذر من أنذر ، أو إن في هذا القرآن وما يحمل من صنوف الآيات ، وألوان الهداية ، ما يكفي في تبليغ الدعوة ، وفي فتح الأبواب لمن أراد أن يلج في طريق الهداية ، فكم فتح الله فيه من أبواب رحمته وهدايته ، وكم لون وصرف من طرق الهداية ، فلا يهلك على الله إلا هالك ، فما أوسع أبواب رحمته .
{ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون } .
أي : لا يستحق الهلاك إلا خارج على طاعة الله ، معرض عن أسباب الهداية وما أكثرها ، فهذا الفاسق الخارج على طاعة الله ، الكافر بالله وألوان هدايته ، أهل للهلاك العادل : { وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } . ( النحل : 33 ) .
خلاصة ما اشتملت عليه سورة الأحقاف
1- إقامة الأدلة على التوحيد ، والرد على عبدة الأصنام .
2- المعارضات التي ابتدعها المشركون للنبوة ، والإجابة عنها ، وبيان فسادها .
3- ذكر حال أهل الإيمان والاستقامة ، وبيان أن جزاءهم الجنة .
4- ذكر وصايا للمؤمنين بإكرام الوالدين ، وبيان مشقة الأم في الحمل والوضع والرضاع .
5- بيان حال من انهمكوا في الدنيا وملذاتها .
6- قصص عاد ، وفيه أن الله أنعم عليهم بنعم متعددة ، فبطروا وأشروا وكفروا ، وعاندوا واستحقوا الهلاك .
7- استماع الجن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتبليغهم إلى قومهم ما سمعوه .
8- عظة للنبي صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين من أمته .
9- الأمر بالصبر ، وبيان قصر الدنيا وقلة نعيمها بالنسبة إلى نعيم الآخرة .
10- ما أوسع رحمة الله وفضله وفتحه الأبواب لكل عاص ، فلا يهلك إلا من رفض كل ألوان الهدى ، وخرج على طاعة الله ، وارتمى في أحضان الشهوات .
2 بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز ، تأليف مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزبادي ، المتوفى سنة 817 ه ، تحقيق الأستاذ محمد علي النجار ( 1/248 ) . طبع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية 1383 ه .
رواه البخاري في الجنائز باب : الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في كفنه ( 1186 ) .
هم الخلفاء الأربعة : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وسعد بن أبي وقاص ، وسعد بن زيد ، وطلحة بن عبيد الله ، والزبير بن العوام ، وأبو عبيدة بن الجراح ، وعبد الرحمن بن عوف ، رضي الله عنهم .
5 تفسير القاسمي مجلد6 ، ص233 ، دار إحياء التراث العربي- بيروت ، لبنان .
6 انظر مختصر تفسير ابن كثير ، تحقيق محمد علي الصابوني ، مجلد 3 ، صفحة 317 ، واقرأ الحاشية بهذه الصفحة .
7 التفسير المنير : أ . د . وهبة الزحيلي جزء 26 ، ص 18 .
مسلم في الفتن ( 2889 ) ، والترمذي في الفتن ( 2176 ) ، وأبو داود في الفتن ( 2176 ) ، وابن ماجة في الفتن ( 3952 ) ، وأحمد( 5/278 ) ، ( 284 ) ، من حديث ثوبان ، وقال الترمذي : حسن صحيح .
9 يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة :
رواه البخاري في الجهاد والسير ، باب : الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء ( 2636 ) ، ومسلم في الإمارة ، باب : فضل الغزو في البحر ( 1912 ) من حديث أنس مرفوعا : ( ناس من أمتي ، عرضوا على غزاة في سبيل الله ، يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة ، أو : مثل الملوك على الأسرة ) .
10 إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط :
رواه مسلم في باب وصية النبي صلى الله عليه وسلم بأهل مصر ( 2543 ) من حديث أبي ذر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط ، فاستوصوا بأهلها خيرا ، فإن لهم ذمة ورحما ، فإذا رأيتم رجلان يقتتلان في موضوع لبنة فاخرج منها ) .
11 أضاء لي في الأولى قصور الحيرة ومدائن كسرى : قال السيوطي في الدر المنثور : وأخرج ابن سعد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده ، قال : ( خط رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق عام الأحزاب ، فخرجت لنا من الخندق صخرة بيضاء مدورة ، فكسرت حديدنا وشقت علينا ، فشكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذ المعول من سلمان ، فضرب الصخرة ضربة صدعها ، وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لابتي المدينة حتى لكأن مصباحا في جوف ليل مظلم ، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكبر المسلمون ، ثم ضربها الثانية ، فصدعها وبرقت منها برقة أضاء ما بين لابتيها ، فكبر وكبر المسلمون ، ثم ضربها الثالثة ، فصدعها وبرقت منها برقة أضاء ما بين لابتيها ، فكبر وكبر المسلمون ، فسألناه ، فقال : أضاء لي في الأولى قصور الحيرة ، ومدائن كسرى ، كأنها أنياب الكلاب ، فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها ، وأضاء لي في الثانية قصور الحمر من أرض الروم كأنها أنياب الكلاب ، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها ، وأضاء لي في الثلاثة قصور صنعاء كأنها أنياب الكلاب ، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها ، فأبشروا بالنصر ) . فاستبشر المسلمون ، وقالوا : الحمد لله موعد صادق بأن وعدنا النصر بعد الحصر ، فطلعت الأحزاب ، فقال المسلمون : { هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما } ، وقال المنافقون : ألا تعجبون ، يحدثكم ويعدكم ويمنيكم الباطل ، ويخبر أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ، ومدائن كسرى ، وأنها تفتح لكم ، وأنكم تحفرون الخندق ولا تستطيعون أن تبرزوا ، وأنزل القرآن في ذلك : { وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا } .
12 كيف بك إذا لبست سواري كسرى :
ذكره المناوي في الفيض استشهادا ( 4110 ) فقال : قال له المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( كيف بك إذا لبست سواري كسرى ) فلبسهما زمن عمر ، وفيه أيوب بن سويد بن مسعود الحميري ضعفه ابن معين وغيره ، وذكر الهندي في كنز العمال ( 35752 ) عن الحسن أن عمر بن الخطاب أتى بفروة كسرى ابن هرمز فوضعت بين يديه ، وفي القوم سراقة بن مالك فأخذ عمر سواريه فرمى بها إلى سراقة ، فأخذهما فجعلهما في يديه فبلغا منكبيه ، فقال : الحمد لله ، سوارا كسرى ابن هرمز في يدي سراقة بن مالك بن جشعم أعرابي من بنى مدلج ، ثم قال : اللهم إني قد علمت أن رسولك قد كان حريصا على أن يصيب مالا ينفقه في سبيلك وعلى عبادك فزويت عنه ذلك نظرا منك وخيارا ، اللهم إني قد علمت أن أبا بكر كان يحب مالا ينفقه في سبيلك وعلى عبادك فزويت عنه ذلك ، اللهم إني أعوذ بك أن يكون مكر منك بعمر ، ثم تلا : { أيحسبون أنما نمدهم به من مال } الآية . ونسبه لعبد بن حميد وابن المنذر .
13وشهد شاهد من بنى إسرائيل على مثله :
رواه البخاري في باب : مناقب عبد الله بن سلام ( 3601 ) ومسلم في فضائل الصحابة ، باب : من فضائل عبد الله بن سلام ( 2483 ) من حديث عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال : ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشى على الأرض : إنه من أهل الجنة ، إلا لعبد الله بن سلام ، قال : نزلت هذه الآية : { وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله } . الآية ، قال : لا أدرى ، قال : مالك الآية ، أو في حديث .
14 يا معشر اليهود أروني اثني عشر رجلا منكم :
رواه الطبراني من حديث عوف بن مالك الأشجعي ، قال : انطلق النبي صلى الله عليه وسلم يوما وأنا معه حتى دخلنا كنيسة اليهود يوم عيدهم فكرهوا دخوله عليهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا معشر اليهود أروني اثني عشر رجلا منكم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله يحط الله عن كل يهودي تحت أديم السماء الغضب الذي عليه ) ، فأسكتوا ما أجابه أحد ثم رد عليهم فلم يجبه أحد ثم ثلث فلم يجبه أحد ، فقال : ( أبيتم فوالله لأنا الحاشر ، وأنا العاقب ، وأنا المقفي ، آمنتم أو كذبتم ) ، ثم انصرف وأنا معه حتى أننا كدنا أن نخرج نادى رجل من خلفه ، فقال : كما أنت يا محمد ، فأقبل فقال ذلك الرجل : أي رجل تعلمون فيكم يا معشر اليهود ، قالوا : والله ما نعلم فينا رجلا كان أعلم بكتاب الله ولا أفقه منك ولا من أبيك فبلك ولا من جدك قبل أبيك ، قال : فإني أشهد له بالله أنه نبي الله الذي تجدون في التوراة ، قالوا : كذبت ، ثم ردوا عليه ، وقالوا فيه شرا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كذبتم لن نقبل قولكم ) ، قال : فخرجنا ونحن ثلاثة : رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا وابن سلام وأنزل الله عز وجل : { قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين } . وقال الهيثمي في الجمع ( رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح ) .
16 مختصر تفسير ابن كثير ، تحقيق محمد علي الصابوني ، دار الصابوني للطباعة والنشر ، 25 ش يوسف عباس ، مدينة نصر – القاهرة .
17 انظر تفسير الكشاف ، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل اليهود عن عبد الله بن سلام فمدحوه بالعلم والخير والسيادة ، فلما أخبرهم أنه أسلم ذموه وانتقصوه .
18 تفسير القاسمي ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ، صححه هشام البخاري ، المجلد 6 ص 234 ، طبعة دار إحياء التراث العربي – بيروت ، لبنان .
رواه البخاري في الأدب ( 5971 ) ، ومسلم في البر ( 2548 ) ، وأحمد في مسنده ( 8144 ) ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : ( أمك ) ، قال : ثم من ؟ قال : ( أمك ) ، قال : ثم من ؟ قال : ( أمك ) ، قال : ثم من ؟ قال : ( ثم أبوك ) .
20 أخرجه الحافظ الموصلي ، وروى من غير هذا الوجه في مسند أحمد ، وانظر مختصر تفسير ابن كثير ، تحقيق محمد علي الصابوني 3/319 .
رواه البخاري في النكاح ( 5063 ) ، ومسلم في النكاح ( 1401 ) ، والنسائي في النكاح ( 3217 ) ، وأحمد ( 13122 ، 13316 ، 13631 ) ، ورواه ابن ماجة في النكاح ( 1846 ) بلفظ : ( النكاح من سنتي فمن لم يعمل بسنتي فليس مني . . . ) الحديث ، كلهم من حديث أنس ، ورواه أحمد ( 22936 ) عن مجاهد عن رجل من الأنصار . ورواه الدارمي في النكاح ( 2169 ) من حديث سعد بن أبي وقاص .
22 استفت قلبك وإن أفتوك وأفتوك وأفتوك :
قال المناوي في الفيض : ورمز المصنف لحسنه ، ورواه أحمد والدارمي في مسنديهما ، قال النووي في رياضه : إسناده حسن ، وتبعه المؤلف فكان ينبغي له الابتداء بعزوه كعادته ، ورواه أيضا الطبراني ، قال الحافظ العراقي : وفيه عنده العلاء بن ثعلبة مجهول .
23 البر ما اطمأنت إليه النفس :
رواه مسلم في البر ( 2553 ) والترمذي في الزهد ( 2398 ) ، والدارمي في الرقاق ( 2789 ) ، وأحمد في مسنده ( 17179 ) عن النواس بن سمعان الأنصاري ، قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم ، فقال : ( البر حسن الخلق ، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس ) .
رواه البخاري في باب : فضل من استبرأ لدينه من حديث النعمان بن بشير ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : ( الحلال بين ، والحرام بين ، وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس ، فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى أوشك أن يواقعه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله في أرضه محارمه ، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب ) . ورواه مسلم في المساقاة ، باب : أخذ الحلال وترك الشبهات ( 1599 ) .
رواه مسلم في باب التعوذ عند رؤية الريح والغيم ، والفرح بالمطر ( 899 ) ، من حديث عائشة ، قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح ، قال : ( اللهم إني أسألك خيرها ، وخير ما فيها ، وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرها ، وشر ما فيها ، وشر ما أرسلت به ) . قالت : وإذا تخيلت السماء ، تغير لونه ، وخرج ودخل ، وأقبل وأدبر ، فإذا أمطرت سرى عنه ، فعرفت ذلك في وجهه . قالت عائشة : فسألته . فقال : ( لعله يا عائشة كما قال قوم عاد : { فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا } ، ورواه البخاري في باب : ما جاء في قوله : { وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته } ( 3034 ) من حديث عائشة ، قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى مخيلة في السماء أقبل وأدبر ، ودخل وخرج ، وتغير وجهه ، فإذا أمطرت السماء سرى عنه ، فعرفته عائشة ذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما أدري لعله كما قال قوم عاد : { فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم } . الآية ، ومسلم في صلاة الاستسقاء ، باب : التعوذ عند رؤية الريح والغيم ( 899 ) .
26 هذا هو الناموس الذي أنزله الله على موسى :
هذا اللفظ جزء من حديث طويل رواه البخاري ( 3 ، 4956 ، 4955 ) ، ومسلم في كتاب الإيمان ( 231 ، 233 ) ، والترمذي في كتاب المناقب ( 3565 ) ، وأحمد في مسنده ( 14502 ، 24046 ، 24681 ، 24768 ) .
27 { وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ( 83 ) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ( 84 ) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ( 85 ) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ( 86 ) وَمِنْ آَبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ( 87 ) } ( الأنعام : 83-87 ) .
والفاء في قوله تعالى : { فاصبر كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ العزم مِنَ الرسل } واقعة في جواب شرط مقدر أي إذا كان عاقبة أمر الكفرة ما ذكر فاصبر على ما يصيبك من جهتهم أو إذا كان الأمر على ما تحققته من قدرته تعالى الباهرة { فاصبر } وجوز غير واحد كونها عاطفة لهذه الجملة على ما تقدم ، والسببية فيها ظاهرة واقتصر في البحر على كونها لعطف هذه الجملة على اخبار الكفار في الآخرة ؛ وقال : المعنى بينهما مرتبط كأنه قيل : هذه حالهم فلا تستعجل أنت واصبر ولا تخف إلا الله عز وجل ، والعزم يطلق على الجد والاجتهاد في الشيء وعلى الصبر عليه ، { مِنْ } بيانية كما في { فاجتنبوا الرجس مِنَ الاوثان } [ الحج : 30 ] والجار والمجرور في موضع الحال من { الرسل } فيكون أولوا العزم صفة جميعهم ، وإليه ذهب ابن زيد . والجبائي . وجماعة أي { فاصبر كَمَا صَبَرَ } الرسل المجدون المجتهدون في تبليغ الوحي الذين لا يصرفهم عنه صارف ولا يعطفهم عنه عاطف والصابرون على أمر الله تعالى فيما عهده سبحانه إليهم أو قضاه وقدره عز وجل عليهم بواسطة أو بدونها . وعن عطاء الخراساني . والحسن بن الفضل . والكلبي . ومقاتل . وقتادة . وأبي العالية . وابن جريج ، وإليه ذهب أكثر المفسرين أن { مِنْ } للتبعيض فأولوا العزم بعض الرسل عليهم السلام ، واختلف في عدتهم وتعيينهم على أقوال ، فقال الحسن بن الفضل : ثمانية عشر وهم المذكورون في سورة الأنعام ( 90 ) لأنه سبحانه قال بعد ذكرهم : { فَبِهُدَاهُمُ اقتده } وقيل : تسعة نوح عليه السلام صبر على أذى قومه طويلاً . وإبراهيم عليه السلام صبر على الإلقاء في النار . والذبيح عليه السلام صبر على ما أريد به من الذبح . ويعقوب عليه السلام صبر على فقد ولده . ويوسف عليه السلام صبر على البئر والسجن وأيوب عليه السلام صبر على البلاء . وموسى عليه السلام قال له قومه : { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } [ الشعراء : 61 ] فقال : { إِنَّ مَعِىَ رَبّى سَيَهْدِينِ } [ الشعراء : 62 ] وداود عليه السلام بكى على خطيئته أربعين سنة وعيسى عليه السلام لم يضع لبنة على لبنة وقال : إنها يعني الدنيا معبرة فاعبروها ولا تعمروها ، وقيل : سبعة آدم . ونوح . وإبراهيم . وموسى . وداود . وسليمان . وعيسى عليهم السلام ، وقيل : ستة وهم الذين أمروا بالقتال وهم نوح . وهود . وصالح . وموسى . وداود . وسليمان ، وأخرجه ابن مردويه عن ابن عباس ، وعن مقاتل أنهم ستة ولم يذكر حديث الأمر بالقتال وقال : هم نوح . وإبراهيم . وإسحق . ويعقوب . ويوسف . وأيوب . وأخرج ابن عساكر عن قتادة أنهم نوح . وهود . وإبراهيم . وشعيب . وموسى عليهم السلام .
وظاهره القول بأنهم خمسة وأخرج عبد الرزاق . وعبد بن حميد . وابن المنذر عنه أنهم نوح . وإبراهيم . وموسى . وعيسى وظاهره القول بأنهم أربعة وهذا أصح الأقوال .
وقول الجلال السيوطي : إن أصحها القول بأنهم خمسة هؤلاء الأربعة ونبينا صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين وأخرج ذلك ابن أبي حاتم . وابن مردويه عن ابن عباس وهو المروى عن أبي جعفر . وأبي عبد الله من أئمة أهل البيت رضي الله تعالى عنهم ونظمهم بعض الأجلة فقال :
أولو العزم نوح والخليل الممجد *** وموسى وعيسى والحبيب محمد
مبني على أنهم كذلك بعد نزول الآية وتأسى نبينا عليه الصلاة والسلام بمن أمر بالتأسي به ولم يرد أن أصح الأقوال أن المراد بهم في الآية أولئك الخمسة صلى الله تعالى عليهم وسلم إذ يلزم عليه أمره عليه الصلاة والسلام أن يصبر كصبره نفسه ولا يكاد يصح ذلك ، وعلى هذا قول أبي العالية فيما أخرجه عبد بن حميد . وأبو الشيخ . والبيهقي في شعب الإيمان . وابن عساكر عنه أنهم ثلاثة نوح . وإبراهيم . وهود ورسول الله صلى الله عليه وسلم رابع لهم ، ولعل الأولى في الآية القول الأول وإن صار أولوا العزم بعد مختصاً بأولئك الخمسة عليهم الصلاة والسلام عند الاطلاق لاشتهارهم بذلك كما في الأعلام الغالبة فكأنه قيل : فاصبر على الدعوة إلى الحق ومكابدة الشدائد مطلقاً كما صبر إخوانك الرسل قبلك { وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ } أي لكفار مكة بالعذاب أي لا تدع بتعجيله فإنه على شرف النزول بهم { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ } من العذاب { لَّمْ يَلْبَثُواْ } في الدنيا { إِلاَّ سَاعَةً } يسيرة { مّن نَّهَارٍ } لما يشاهدون من شدة العذاب وطول مدته . وقرأ أبي { مّنَ النهار } وقوله تعالى : { بَلاَغٌ } خبر مبتدأ محذوف أي هذا الذي وعظته به كفاية في الموعظة أو تبليغ من الرسول ، وجعل بعضهم الإشارة إلى القرآن أو ما ذكر من السورة . وأيد تفسير { بَلاَغٌ } بتبليغ بقراءة أبي مجاز . وأبي سراج الهذلي { بَلَغَ } بصيغة الأمر له صلى الله عليه وسلم ، وبقراءة أبي مجاز أيضاً في رواية { بَلَغَ } بصيغة الماضي من التفعيل ، واستظهر أبو حيان كون الإشارة إلى ما ذكر من المدة التي لبثوا فيها كأنه قيل : تلك الساعة بلاغهم كما قال تعالى : { متاع قَلِيلٌ } [ آل عمران : 197 ] وقال أبو مجاز : { بَلاَغٌ } مبتدأ خبره قوله تعالى : { لَهُمْ } السابق فيوقف على { وَلاَ تَسْتَعْجِل } ويبتدأ بقوله تعالى : { لَهُمْ } وتكون الجملة التشبيهية معترضة بين المبتدأ والخبر ؛ والمعنى لهم انتهاء وبلوغ إلى وقت فينزل بهم العذاب ؛ وهو ضعيف جداً لما فيه من الفصل ومخالفة الظاهر إذ الظاهر تعلق { لَهُمْ } بتستعجل . وقرأ الحسن . وزيد بن علي . وعيسى { بَلاَغاً } بالنصب بتقدير بلغ بلاغاً أو بلغنا بلاغاً أو نحو ذلك . وقرأ الحسن أيضاً { بَلاَغٌ } بالجر على أنه نعت لنهار .
{ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ القوم الفاسقون } الخارجون عن الاتعاظ أو عن الطاعة ، وفي الآية من الوعيد والإنذار ما فيها . وقرأ ابن محيصن فيما حكى عنه ابن خالويه يهلك بفتح الياء وكسر اللام وعنه أيضا يهلك بفتح الياء واللام وماضيه هلك بكسر اللام وهي لغة وقال أبو الفتح : هي مرغوب عنها وقرأ زيد بن ثابت نهلك بنون العظمة من الإهلاك القوم الفاسقين بالنصب وهذه الآية أعني قوله تعالى : كأنهم إلى ألآخرجاء في بعض الآثار ما يشعر بأن لها خاصيةمن بين آي هذه السورة وأخرج الطبراني في الدعاء عن أنس عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : إذا طلبت حاجة وأحببت أن تنجح فقل : لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي العظيم لا إليه إلا الله وحده لا شريك له الحليم الكريم بسم الله الذي لا إله إلا هو الحي الحليم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر والفوز بالجنة والنجاة من النار اللهم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا دينا إلا قضيته ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها برحمتك يا أرحم الراحمين