تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَأَنتَ حِلُّۢ بِهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ} (2)

المفردات :

حل بهذا البلد : حلال لك ما تصنع به يومئذ .

التفسير :

2- وأنت حل بهذا البلد .

وأنت يا محمد يا خاتم الرسل ، مقيم بهذا البلد ، مما يزيد من قيمته وأهميته ، فهو من أحب البلاد إلى الله ، وبه الكعبة والقبلة ، وبه أيضا محمد صلى الله عليه وسلم ، صاحب الرسالة الأخيرة للبشرية .

وقيل : المعنى : وأنت حلال بهذا البلد الأمين الذي جعل الله فيه البيت الحرام ، مثابة للناس وأمنا ، ومن دخله كان آمنا ، وحرّم الله فيه صيد البر ، وحرّم فيه العدوان على شجر الحرم ، وجعله منطقة سلام وأمان ، ومع هذا فإن أهل مكة يستحلون العدوان عليك ، ويتهمونك بالسحر والكذب والجنون ، ويؤذونك أنت وأصحابك ، حتى يضطروهم للهجرة إلى الحبشة مرتين ، وإلى المدينة المنورة بعد ذلك .

وقيل : المعنى : إن الله سيفتح لك مكة ويجعلك حرّا في التصرف في أهلها ، ويحلّ لك اقتحامها ساعة من نهار ، ويحل لك التصرف في أهلها بعد الفتح .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَأَنتَ حِلُّۢ بِهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ} (2)

{ وأنت حل } أي حلال ، { بهذا البلد } تصنع فيه ما تريد من القتل والأسر ليس عليك ما على الناس فيه من الإثم ، أحل الله لنبيه صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح ، حتى قاتل وقتل وأمر بقتل ابن خطل ، وهو متعلق بأستار الكعبة ، ومقيس بن صبابة وغيرهما ، فأحل دماء قوم وحرم دماء قوم ، فقال : من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ثم قال : إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض ، ولم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي ، وإنما أحلت لي ساعة من نهار ، فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة . والمعنى : أن الله تعالى لما أقسم بمكة دل ذلك على عظيم قدرها مع حرمتها ، فوعد نبيه صلى الله عليه وسلم أنه يحلها له حتى يقاتل فيها ، وأن يفتحها على يده ، فهذا وعد من الله عز وجل بأن يحلها له . قال شرحبيل بن سعد : ومعنى قوله : { وأنت حل بهذا البلد } قال : يحرمون أن يقتلوا بها صيداً ويستحلون إخراجك وقتلك ؟

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَأَنتَ حِلُّۢ بِهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ} (2)

ولما عظم البلد بالإقسام به ، زاده عظماً بالحال به إشعاراً بأن شرف المكان بشرف السكان ، وذلك في جملة حالية فقال : { وأنت } يعني وأنت خير كل حاضر وباد { حل } أي مقيم أو حلال لك ما لم يحل لغيرك من قتل من تريد ممن يدعي أنه لا قدرة لأحد عليه { بهذا البلد * } فتحل قتل ابن خطل وغيره وإن كان متعلقاً بأستار الكعبة ، وتحرم قتل من دخل دار أبي سفيان وغير ذلك مما فعله الله لك بعد الهجرة بعد نزول هذه السورة المكية بمدة طويلة ، علماً من أعلام النبوة ، أو معنى : يستحل أهله منك وأنت أشرف الخلق ما لا يستحلونه من صيد ولا شجر ، وكرر إظهاره ولم يضمره زيادة في تعظيمه تقبيحاً لما يستحلونه من أذى المؤمنين فيه ، وإشارة إلى أنه يتلذذ بذكره ، فقد وقع القسم بسيد البلاد وسيد العباد ، ولكل جنس سيد ، وهو انتهاؤه في الشرف ، فأشرف الجماد الياقوت وهو سيده ، ولو ارتفع عن هذا الشرف لصار نباتاً ينمو كما في الجنة ، وأشرف جنس النبات النخل ولو ارتفع صار حيواناً يتحرك بالإرادة ، فالحيوان سيد الأكوان ، وسيده الإنسان ، لما له من النطق والبيان ، وسيد الإنسان الرسل عليهم أفضل الصلاة والسلام ، لما لهم من عظيم الوصلة بالملك الديان ، وسيدهم أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم الذي ختموا به لما فاق به من الفضائل التي أعلاها هذا القرآن ، فسيد الخلق محمد بن عبد الله رسول الله أشرف الممكنات وسيدها لأنه وصل إلى أعلى مقام يمكن أن يكون لها ، ولو بقي فوق ذلك مقام يمكن للممكن لنقل إليه ، ولكونه أشرف كانت مكابدته أعلى المكابدات ، يصبر على أذى قومه بالكلام الذي هو أنفذ من السهام ، ووضع السلاء من الجزور على ظهره الشريف - نفديه بحر وجوهنا ومصون جباهنا وخدودنا - وهو ساجد ، ووضع الشوك في طريقه ، والإجماع على قصده بجميع أنواع الأذى من الحبس والنفي والقتل بحيث قال صلى الله عليه وسلم

" ما أوذي أحد في الله ما أوذيت " .