تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةٖ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖ} (30)

27

المفردات :

مصيبة : بلية وشدة .

التفسير :

30- { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } .

ما أصاب الإنسان في هذه الدنيا من مرض أو حزن أو فقد حبيب ، أو أي نوع من أنواع الألم أو الفقر أو الهزيمة ، فذلك بسبب إهماله لقانون الحياة وسنة الله في الكون ، وقد تكون المصيبة للابتلاء والاختبار ، أو لرفع الدرجات ، وكثير من الذنوب يسترها الله تعالى على العبد ويعفو عنها ، فلا يعاجل صاحبها بالعقوبة .

قال تعالى : { ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة . . . } ( فاطر : 45 ) .

وفي الحديث الصحيح : ( والذي نفسي بيده ، ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن إلا كفر الله عنه بها من خطاياه حتى الشوكة يشاكها )13 .

وقد تصيب المصائب الأنبياء والصالحين لرفع درجاتهم ، أو لحكم أخرى يعلمها الله ، وفي الحديث : ( أشدكم بلاء الأنبياء ، ثم الأمثل فالأمثل )14 .

وقد أمرنا الدين الإسلامي باحتمال المصائب ، مع الرضا بالقضاء والقدر ، خيره وشره ، حلوه ومره ، وذكر الصبر في القرآن الكريم في أكثر من سبعين موضعا ، كما حث الحديث الشريف المؤمن على الصبر والرضا طمعا في ثواب الله ، ورضا بقضائه وقدره .

قال تعالى : { ولنبْلُونّكُمْ بِشيْءٍ مِن الْخوْفِ والْجُوعِ ونقْصٍ مِن الْأمْوالِ والْأنْفُسِ والثّمراتِ وبشِّرِ الصّابِرِين ( 155 ) الّذِين إِذا أصابتْهُمْ مُصِيبةٌ قالُوا إِنّا لِلّهِ وإِنّا إِليْهِ راجِعُون ( 156 ) أُولئِك عليْهِمْ صلواتٌ مِنْ ربِّهِمْ ورحْمةٌ وأُولئِك هُمُ الْمُهْتدُون ( 157 ) } . ( البقرة : 155-157 ) .

وفي الأثر : ( من علامة الإيمان : الشكر على النعماء ، والصبر على البأساء ، والرضا بأسباب القضاء ) كما جاء في الأثر أيضا : ( الإيمان نصفان : نصف صبر ، ونصف شكر ) .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةٖ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖ} (30)

قوله تعالى : { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم } قرأ أهل المدينة والشام { بما كسبت } بغير فاء ، وكذلك هو في مصاحفهم فمن حذف الفاء جعل ما في أول الآية بمعنى الذي أصابكم بما كسبت أيديكم . { ويعفو عن كثير } قال الحسن : لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفس محمد بيده ما من خدش عود ولا عثرة قدم ، ولا اختلاج عرق إلا بذنب ، وما يعفو الله عنه أكثر " .

أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أنبأنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرني أبو عبد الله بن فنجويه ، حدثنا أبو بكر بن مالك القطيعي ، حدثنا بشر بن موسى الأسدي ، حدثنا خلف بن الوليد ، حدثنا مروان بن معاوية ، أخبرني الأزهر بن راشد الباهلي عن الخضر ابن القواس البجلي عن أبي سخيلة قال : قال علي بن أبي طالب : ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله عز وجل حدثنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم : { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } قال : وسأفسرها لك يا علي : ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فيما كسبت أيديكم ، والله عز وجل أكرم من أن يثني عليهم العقوبة في الآخرة ، وما عفا عنكم في الدنيا فالله أحلم من أن يعود بعد عفوه . قال عكرمة : ما من نكبة أصابت عبداً فما فوقها إلا بذنب لم يكن الله ليغفر إلا بها ، أو درجة لم يكن الله ليبلغها إلا بها .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةٖ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖ} (30)

{ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم } المعنى : أن المصائب التي تصيب الناس في أنفسهم وأموالهم إنما هي بسبب الذنوب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يصيب ابن آدم خدش عود أو عثرة قدم ولا اختلاج عرق إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر " وقرئ بما كسبت بغير فاء على أن يكون ما أصابكم بمعنى : الذي وقرئ بالفاء على أن يكون { ما أصابكم } شرطا .