التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةٖ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖ} (30)

/خ27

تعليق على آية

{ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم } الخ

ويلوح لنا أن الآية [ 30 ] وهي تنبه إلى أن ما يصيب الناس من مصائب هو من كسب أيديهم قد قصدت تقرير ما هو متسق مع الواقع والحق والعقل ، وهو أن ما يصيب الناس في أغلب الأحيان من مصائب وبلاء وشرور وأضرار وأخطار إنما هو نتيجة لتصرفاتهم وأعمالهم ، فليس لهم أن يوجهوا لومهم على ذلك إلى غيرهم . ومن واجبهم أن يترووا في أعمالهم وتصرفاتهم ليتقوا تلك الأضرار والأخطار .

ومع ما قلناه أنه المتبادر اللائح من الآية [ 30 ] فهناك أحاديث نبوية يرويها المفسرون في سياقها ، منها حديث رواه البغوي بطرقه عن الحسن قال : ( لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : والذي نفس محمد بيده ما من خدش عود ولا عثرة قدم ولا اختلاج عرق إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر ) . وحديث رواه البغوي بطرقه أيضا عن أبي سخيلة قال : ( قال علي بن أبي طالب : ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله عز وجل حدثنا بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } . قال وسأفسرها لك يا علي . ( ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبما كسبت أيديكم والله عز وجل أكرم من أن يثني عليه العقوبة في الآخرة ، وما عفا الله عنه في الدنيا فالله أحلم من أن يعود بعد عفوه ) . ولسنا نرى في الحديثين نقضا لما تبادر لنا ، بل فيهما تدعيم له وإن كان فيهما بالإضافة إلى ذلك تبشر وتطمين للمسلمين يجعلانهم يتقبلون ما يقع عليهم بالرضاء والإذعان ، وفي هذا ما فيه من تلقين جليل . ولقد أورد ابن كثير في سياقه أحاديث فيها تدعيم لهذا التلقين الإضافي . ومنها حديث رواه الإمام أحمد عن عائشة قالت : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له ما يكفرها ابتلاه الله تعالى بالحزن ليكفرها ) . وحديث رواه الإمام أحمد أيضا عن معاوية بن أبي سفيان قال : ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ما من شيء يصيب المؤمن في جسده يؤذيه إلا كفر الله تعالى عنه من سيئاته ) .