{ وَمَا أصابكم مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } أي ما أصابكم من المصائب كائنة ما كانت ، فبسبب ما كسبت أيديكم من المعاصي . قرأ نافع ، وابن عامر : " بما كسبت " بغير فاء ، وقرأ الباقون بالفاء . " وما " في { وَمَا أصابكم } هي الشرطية ، ولهذا دخلت الفاء في جوابها على قراءة الجمهور ، ولا يجوز حذفها عند سيبويه ، والجمهور ، وجوّز الأخفش الحذف كما في قوله : { وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } [ الأنعام : 121 ] ، وقول الشاعر :
من يفعل الحسنات الله يشكرها *** والشرّ بالشرّ عند الله مثلان
وقيل هي الموصولة ، فيكون الحذف ، والإثبات جائزين ، والأوّل أولى . قال الزجاج : إثبات الفاء أجود ؛ لأن الفاء مجازاة جواب الشرط ، ومن حذف الفاء فعلى أن ما في معنى الذي ، والمعنى : الذي أصابكم وقع بما كسبت أيديكم . قال الحسن : المصيبة هنا الحدود على المعاصي ، والأولى الحمل على العموم كما يفيده وقوع النكرة في سياق النفي ، ودخول من الاستغراقية عليها { وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } من المعاصي التي يفعلها العباد ، فلا يعاقب عليها ، فمعنى الآية : أنه يكفر عن العبد بما يصيبه من المصائب ، ويعفو عن كثير من الذنوب . وقد ثبتت الأدلة الصحيحة أن جميع ما يصاب به الإنسان في الدنيا يؤجر عليه ، أو يكفر عنه من ذنوبه . وقيل : هذه الآية مختصة بالكافرين على معنى : أن ما يصابون به بسبب ذنوبهم من غير أن يكون ذلك مكفراً عنهم لذنب ، ولا محصلاً لثواب ، ويترك عقوبتهم عن كثير من ذنوبهم ، فلا يعاجلهم في الدنيا بل يمهلهم إلى الدار الآخرة . والأولى حمل الآية على العموم ، والعفو يصدق على تأخير العقوبة كما يصدق على محو الذنب ، ورفع الخطاب به . قال الواحدي : وهذه أرجى آية في كتاب الله ؛ لأنه جعل ذنوب المؤمنين صنفين : صنف كفره عنهم بالمصائب ، وصنف عفا عنه في الدنيا ، وهو كريم لا يرجع في عفوه ، فهذه سنّة الله مع المؤمنين . وأما الكافر ، فإنه لا يعجل له عقوبة ذنبه حتى يوافى به يوم القيامة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.