النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةٖ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖ} (30)

قوله عز وجل : { وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } فيه قولان :

أحدهما : أنه الحدود على المعاصي ؛ قاله الحسن .

الثاني : أنها البلوى في النفوس والأموال عقوبة على المعاصي والذنوب .

قال النبي صلى الله عليه وسلم : " مَا يُصِيبُ ابنَ آدَمَ خَدْشُ عُوْدٍ وَلاَ عَثْرَةُ قَدَمٍ وَلاَ اخْتِلاَجُ عِرْقٍ إِلاَّ بِذَنبٍ ، وَمَا يَعْفُو عَنهُ أَكْثَرَ " . وقال ثابت البناني . كان يقال ساعات الأذى يذهبن ساعات الخطايا .

ثم فيها قولان :

أحدهما : أنها خاصة في البالغين أن تكون عقوبة لهم ، وفي الأطفال أن تكون مثوبة لهم .

الثاني : عقوبة عامة للبالغين في أنفسهم وللأطفال في غيرهم من والدٍ أو والدة ؛ قاله العلاء بن زيد .

{ وَيَعْفُوا عَن كَثِيرٍ } فيه وجهان :

أحدهما : عن كثير من المعاصي أن لا يكون عليها حدود ، وهو مقتضى قول الحسن .

الثاني : عن كثير من العصاة وأن لا يعجل عليهم بالعقوبة .

قال علي رضي الله عنه : ما عاقب الله به في الدنيا فالله أحلم من أن يثني عليه العقوبة يوم القيامة ، وما عفا الله عنه في الدنيا فالله أكرم{[2484]} من أن يعود في عفوه يوم القيامة .


[2484]:في ك أحلم.