غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةٖ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖ} (30)

24

ثم بين حال المكلفين وأن ما يصيبهم من ألم ومكروه وبلاء فهو عقوبة للمعاصي التي اكتسبوها ، وأن الله يعفو عن كثير من الذنوب أو الناس فلا يعاجلهم بالعقوبة رحمة أو استدراجاً . قال الحسن : أراد إقامة الحدود على المعاصي وأنه لم يجعل لبعض الذنوب حداً . وقيل : إن هذه في يوم القيامة فإن الدنيا دار تكليف لا دار جزاء . ولقائل أن يقول : كون الجزاء الأوفى على الإثم مخصوصاً بالقيامة لا ينافي وصول بعض الجزاء إلى المكلف في الدنيا ، ولهذا قال علي رضي الله عنه : هذه أرجى آية للمؤمنين في كتاب الله . وذلك أنه تعالى قسم ذنوب المؤمنين صنفين : صنف يكفره عنهم بالمصائب ، وصنف يعفو وهو كريم لا يرجع في عفوه ، نعم لو عكست القضية وقيل ما كسبت أيديكم فإنه يصيبكم به ألم وعذاب في الدنيا لكان هذا منافياً لكون الجزاء في الآخرة ولحصول العفو أيضاً . روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية فقال : ما عفا الله عنه . فهو أعز وأكرم من أن يعود إليه في الآخرة وما عاقب عليه في الدنيا فالله أكرم من أن يعيد عليه العذاب في الآخرة . قال أهل التناسخ : لولا أن الأطفال والبهائم لهم حالة كانوا عليها قبل هذه الحالة ما كانوا ليتألموا فإنهم لا ذنوب لهم الآن . وأجيب بالتزام أنهم لا يتألمون من المصائب والآلام وفيه بعد ، وبأن الخطاب في الآية لذوي العقول البالغين ، وبأنها في البالغين عقوبة أو زيادة درجة ، وفي الأطفال مثوبة لهم أو لوالديهم .

/خ24